ترك برس

شهدت علاقات أنقرة وبرلين، توتراً ملحوظاً منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا صيف 2016، استمر حتى المرحلة الأخيرة، إلا أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحالية إلى برلين، تشير إلى فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين، والعودة إلى التقارب والتطبيع.

والتقى أردوغان اليوم الجمعة ثاني أيام زيارته الرسمية التي يقوم بها حالياً إلى برلين، المستشارة أنجيلا ميركل بمقر المستشارية في برلين، وقبلها مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير.

اجتماع أردوغان وميركل ركز على تطبيع العلاقات، والشراكة في مكافحة الإرهاب، فضلاً عن التعاون في قضايا سياسية، واقتصادية وإنسانية أخرى.

وفي مؤتمر صحفي مشترك عقب اللقاء، أوضحت ميركل أن لدى بلادها مصلحة إستراتيجية في تعزيز العلاقات مع تركيا، وأن لديها الاستعداد للتعاون معها في مكافحة الإرهاب.

أما أردوغان فقد عبّر عن حرصه على تطوير العلاقات الاقتصادية مع ألمانيا مثمنا موقف حكومتها بهذا الاتجاه، وأكد أن اقتصاد بلاده يرسو على دعائم راسخة معلنا رفضه أي تدخل أجنبي بالقضاء التركي في ما يتعلق بمحاكمة أجانب.

ويرى الخبير التركي، برهان الدين دوران، رئيس وقف "سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أن إحدى الأسباب الرئيسية لتطبيع برلين وأنقرة علاقاتهما والتقارب من جديد، هو سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تجاه أوروبا، وألمانيا بشكل خاص، خاصة بعد انتقاداته التي وجهها لبرلين خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال "دوران" في مقال له بصحيفة "صباح" التركية، إن ألمانيا  أدركت الفارق بين مقاربة ترامب وأردوغان من خلال كلمة كل منهما في أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. حيث أظهر الزعيمان الفارق في رؤيتهما حول "مستقبل النظام الدولي".

وبحسب الكاتب، فإن ترامب أكد في كلمته على الهيمنة الأمريكية ورفضه أيديولوجية العولمة، وقبوله عقيدة الوطنية التي تستند إلى المبالغة في إعادة النظر بالمؤسسات الدولية والاتفاقيات متعددة الأطراف.

وأوضح الخبير التركي أن ألمانيا كانت من بين الدول التي نالت نصيها من انتقادات ترامب الذي زعم أن برلين ستبقى تحت التبيعة الروسية في مجال الطاقة ما لم تغير الوضع الحالي، مشيراً إلى أن إحدى الأطراف المعنية بقول ترامب "لن نسمح بنهب ثرواتنا"، هي ألمانيا.

وتابع: "أما أردوغان اقترح في كلمته، إصلاح بنية مجلس الأمن وتطبيق العضوية الدورية بين أعضائها. وأكد على ضرورة مكافحة الإرهاب واللامساواة في الدخل، وأهمية المقاربة الإنسانية تجاه اللاجئين. كما أوضح أردوغان الدبلوماسية الإنسانية لأنقرة حول العالم. ودعا شعوب العالم إلى إنشاء نظام عالمي عادل، مشيراً إلى مدى الحاجة للعدالة حول العالم، وإلى المسؤوليات الإنسانية العالمية"

وأردف: "هذا ورفض أردوغان الحروب التجارية وتوسيع السياسات الوقائية للدول. وأعلن دعمه لمنظمة التجارة العالمية، ومجموعة العشرين والاتحاد الأوروبي. لذا أظهر خطاب ترامب في اجتماع الدورة الـ 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، عودة واشنطن إلى رموز السياسة الخارجية التي سبقت الحرب العالمية الثانية."

وذكر "دوران" أن السياسة الأمريكية هذه، لن تتغير حتى بعد ابتعاد ترامب عن السلطة. لذا فإن العلاقات الأوروبية الأمريكية لن تكون كما كانت في السابق.وستتجاهل واشنطن مدى تأثر حلفائها الأوروبيين من سياساتها في الشرق الأوسط.

وأكد أن العقوبات الأمريكية التي يعتزم ترامب فرضها مجدداً على إيران، و"صفقة القرن" التي سيفرضها على الفلسطينيين قريباً، ستجلب المزيد من المشاكل بالنسبة لتركيا ودول الاتحاد الأوروبي، مثل مساعي البحث آلية مالية أخرى بديلة للدولار لتجاوز العقوبات المفروضة على إيران.

وأشار الخبير التركي إلى حاجة برلين الماسة لأنقرة من أجل موازنة روسيا.

واختتم الكاتب التركي بالإشارة إلى أن مصطلح "الشراكة الاستراتيجية" قد يكون أفضل المصطلحات للتعبير عن العلاقات التركية الألمانية في المرحلة القادمة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!