ترك برس

رأى محللون ومتابعون للشأن التركي، أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأخيرة إلى ألمانيا كانت الخطوة الأولى لمرحلة تطبيع البلدين لعلاقاتهما، واصفين الزيارة بالرمزية ورفيعة المستوى وذات الأبعاد الاستراتيجية، لا سيما وأن تركيا والمنطقة برمتها تمران بمرحلة حساسة وخطيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

وأوضح الخبراء أن تطبيع العلاقات بين أنقرة وبرلين، ليست نهاية المطاف، بل هناك عوائق ومصاعب أخرى تنتظر الطرفين، وبالأخص المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأبرزها إقناع الدول الأوروبية بالتعاون مع تركيا.

وقال برهان الدين دوران، الكاتب الصحفي ومنسق وقف "سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إن هذه الزيارة تعد الخطوة الأولى لتطبيع العلاقات، وأنه "لا زلنا في بداية الطريق من أجل تحقيق تطبيع حقيقي وبالمستوى المطلوب."

وأشار في مقال له نشرته صحيفة "صباح" التركية، إلى الحاجة لبعض الوقت من أجل تجاوز الأزمات والتوترات التي شهدتها علاقات البلدين في السنوات الاخيرة، مبيناً أن التصريحات التي أدلى بها أردوغان وميركل، خلال المؤتمر الصحفي المشترك، تظهر مدى دقة وخطورة الطريق الذي سيسلكونه في المرحلة القادمة.

وأكد الخبير التركي أن من أبرز نتائج هذه الزيارة، هي إنهاء حالة الشذوذ والتوتر بين أنقرة وبرلين، لافتاً إلى أن عدم جلوس كلا البلدين للحديث عن كيفية مواجهة المخاطر المشتركة التي تهدد كلاهما، كان أمراً خطيراً، على حد وصفه.

ووصف "دوران" تجاهل ميركل لانتقادات الإعلام الألماني مثل صحيفتي دي فيلت وبيلد، اللتان انتقدتا زيارة الرئيس التركي إلى برلين، بأنها تصرف صائب من "سياسية عقلانية اختارت تطبيع  العلاقات لوضعها مصالح بلدها بعين الاعتبار."

وشدد الكاتب التركي على حاجة البلدين لبعضهما البعض بشكل لا يمكن تعويض هذه الحاجة ببديل آخر، خاصة في ظل وجود قضايا ذات أبعاد مختلفة تهم كلاهما، مثل الطاقة، الأمن، واللاجئين، والاستثمارات الأمريكية، وترند السياسات الوقائية وغيرها من سياسات ترامب الفوضوية.

وتابع: "ومن أبرز القضايا الهامة بين الطرفين، تفاصيل الأزمة السورية مثل قضايا إدلب، واللاجئين وإعادة إنشاء المناطق الآمنة ومرحلة الانتقال السياسي. القمة الرباعية بين تركيا، ألمانيا، روسيا وفرنسا حول سوريا والمزمع عقدها في إسطنبول لاحقاً، ستتناول مصير إدلب وما بعد إدلب."

واستطرد: "وأخيراً أبدت أوروبا أمارات اعتزامها تبني خطوة فعالة في الأزمة السورية. ويمكن من الآن توقّع الانزعاج الأمريكي من القمة الرباعية هذه، وعدم رضاها عنها. لكن وجود فرنسا على هذه الطاولة رغم ذلك، يحمل أهمية كبيرة. ومن المحتمل بقوة أن ميركل هي التي أقنعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالحضور!"

وذكر أن أهمية وضرورة تعاون الدول الأوروبية مع تركيا، تزداد يوماً بعد آخر من أجل ضمان مستقبل الاتحاد الأوروبي، لا سيما وأن مستوى التوتر في منطقة شرقي البحر المتوسط يرتفع بشكل مستمر، فالعقوبات الجديدة على إيران من قبل الولايات المتحدة، قادمة في نوفمبر/تشرين الثاني. عقب ذلك سيحرّك ترامب القضية الفلسطينية تحت مسمى "السلام". لمواجهة الأزمات الجديدة هذه.

واختتم بالإشارة إلى المهمة الصعبة التي تقع على عاتق المستشارة الألمانية لتطبيع العلاقات التركية الألمانية، وما بعد التطبيع، مبيناً أن ميركل "تدرك جيداً الحاجة إلى تركيا سواء في أوروبا أو داخل بلادها. لكن قبل هذا يجب إنهاء ظاهرة معاداة تركيا وأردوغان التي تم التسبب بتناميها في السنوات الأخيرة لدى الرأي العام الألماني. الأمر الذي سينعكس إيجابياً على الرأي العام الأوروبي أيضاً."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!