ترك برس

أثار الغموض الذي اكتنف اختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول والعاضفة الإعلامية التي أحاطت بها تكهنات بأن الحادث قد يتطور إلى أزمة بين الجمهورية التركية والممكلة العربية السعودية، ويضر بالعلاقات بين الرياض وواشنطن.

ولكن مركز جيوبوليتكال فيوتشرز الأمريكي رأى في تقرير له أن المصالح المشتركة بين هذه الدول الثلاث ستحل محل أي توترات تنشأ عن قضية اختفاء خاشقجي وقتله، في حين أن السماح لهذا الحادث بإفساد العلاقات سيكون محفوفا بالمخاطر بالنسبة لهما وللولايات المتحدة.

ولفت المركز في تقريره إلى أن تركيا والسعودية ليس لديهما أي مصلحة في إضعاف الآخر بشكل كبير، بل إنهما بحاجة إلى بعضهم البعض لاحتواء إيران التي تزداد طموحًا وتتوسع على الحدود السعودية في اليمن وعلى الحدود التركية في سوريا.

شكوك متبادلة

واستعرض التقرير "تاريخ التنافس بين تركيا والسعودية منذ ما قبل إنشاء المملكة العربية السعودية على زعامة العالم الإسلامي. وفي السنوات الأخيرة ظهر التوتر بين البلدين بسبب جماعة الإخوان التي تعارضها الرياض بينما تتعاطف معها أنقرة."

ويقول التقرير إن "تشجيع الإخوان المسلمين للمواطنين على الانخراط في العمل السياسي يشكل تحديا للنظام السعودي الذي يشعر بالقلق من أن هذه الجماعة تدعو بشكل أساسي إلى نوع النشاط السياسي الذي يمكن أن يهدد النظام الملكي في البلاد. أما بالنسبة إلى تركيا فإنها ترى أن التعاون مع المنظمات التي تدعو إلى الإسلام السياسي لا يشكل مثل هذا الخطر."

ويضيف أن الشكوك المتبادلة زادت بعد الحصار الذي فرضه التحالف الذي تقوده السعودية على قطر العام الماضي. وتدخلت كل من تركيا وإيران اللتان كانتا في طريقهما إلى المنافسة في السعودية، لدعم قطر ومساعدتها في مقاومة ضغوط الرياض. وسارعت تركيا بإرسال قوات تركية إلى قطر وإقامة قاعدة عسكرية لها هناك. وردت السعودية بمطالبة قطر بإغلاق تلك القاعدة.

ووفقا للتقرير، فإن "السعودية تشعر بالقلق من وجود قوات تركية متمركزة في شبه الجزيرة العربية، خاصة أن الوجود العسكري التركي في الأراضي العثمانية السابقة مثل القرن الإفريقي على طول البحر الأحمر - وهي المنطقة التي تعتبرها الرياض جزءًا من دائرة نفوذها - يستمر في الاتساع."

ولكن على الرغم من هذه الخلافات ينوه التقرير إلى أن تركيا والسعودية ليس لديهما مصلحة في إضعاف الآخر بشكل كبير، بل إنهما في حاجة إلى بعضهما البعض لاحتواء النفوذ الإيراني المتزايد الذي وصل إلى الحدود التركية والسعودية.

وأردف أن كلا البلدين يواجهان أيضا المزيد من التهديدات المباشرة، حيث تشهد تركيا منافسة متزايدة في شرق البحر المتوسط ​​حول حقوق استكشاف الغاز الطبيعي، بينما تحاول السعودية تنفيذ إصلاحات جوهرية دون الإخلال بالتوازن بين مؤسساتها السياسية والدينية.

وعلى ذلك يستنتج التقرير أن "البلدين ليس لديهما أي سبب يذكر لتصعيد التوترات أو إشعال شرارة أزمة أخرى في الشرق الأوسط بشأن قضية خاشقجي."

ويذكر التقرير أن "قيام أنقرة بتسريب بعض المعلومات بشأن مقتل خاشقجي كان لأسباب لا علاقة لها بالرياض نفسها، بل لأن أنقرة لا تريد أن تظهر ضعيفة وغير قادرة على حماية من انتقدوا الرياض."

ويضيف أن تركيا لن تستفيد كثيراً من إتلاف العلاقات مع السعودية في الوقت الحالي نظراً للتحديات الأخرى التي تواجهها. وقد ناقش الرئيس رجب طيب أردوغان الأمر مع الملك السعودي سلمان، وأنشأ مجموعة عمل مشتركة للتحقيق في اختفاء خاشقجي في محاولة لنزع فتيل الوضع.

ويشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة ليس لها مصلحة أيضا في التصعيد مع السعودية. وإذا كانت الإدارة الأمريكية قد ألمحت إلى احتمال فرض عقوبات على المسؤولين السعوديين، فإن مثل هذه الخطوة لن تخدم مصالح واشنطن التي تعتمد على الرياض في وارداتها من النفط، كما أنها تعتمد عليها لموازنة إيران والحد من توسعها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!