ترك برس

الخطاب الذي ألقاه الرئيس التركي أردوغان أمس أمام البرلمان وتناول فيه قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ستكون له انعكاسات جيوسياسة على العالم الإسلامي وأوروبا والصين وروسيا، كما يرى المحلل السياسي البريطاني، آدام غاري في تحلي نشره موقع يوراسيا فيوتشرز.

انتصار تركيا الأخلاقي

وكتب غاري أنه إذا كان هناك أي بلد أظهرت حكومته ومجتمعه أنه يحتل المكانة الأخلاقية السامية في أعقاب مقتل خاشقجي، فهي الحكومة التركية. وقد حاول الرئيس أردوغان منذ مدة طويلة الحفاظ على العلاقات مع الرياض على الرغم من التوترات.

وأضاف غاري أن تركيا اتخذت موقفا أكثر حزما ولكنه عقلاني من مقتل خاشقجي من الدول الأخرى التي شهدت أحداثا مماثلة، حيث استمرت تركيا في الدفاع عن حقوق خاشقجي حتى قبل أن اكتشاف حقيقة مقتله. ولذلك فإن مكانة تركيا القوية بالفعل في جميع أنحاء العالم الإسلامي قد ازدادت لأن أنقرة أظهرت مزيجا متوازنا من الحالة الطبيعية القانونية والحزن العام على فعل إجرامي.

وأشار إلى أن "كثيرا من الدول ذات الغالبية الإسلامية في إفريقيا وآسيا سوف تعيد الآن التفكير في مدى سلامة العمل مع الرياض في السنوات المقبلة، ومن المرجح أن تصبح الدول الإسلامية من السودان إلى ماليزيا أقرب إلى شريكها التركي."

ورأى أن الرقي الأخلاقي التركي كشف أيضا عيوب كثير من الدول الغربية. ففي حين أن كثيرا من الليبراليين الأوروبيين ما يزالون يخلطون بين أعضاء منظمة فتح الله  غولن الإرهابية وبين والصحفيين، كانت تركيا أول وما تزال أقوى صوت يتحدث عن جمال خاشقجي.

روسيا والصين

لم تدل الصين حتى الآن بأي بيانات رسمية حول قضية جمال خاشقجي، في حين صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن على الولايات المتحدة استجلاء حقيقة ما حدث لخاشقجي، بوصفه كان مقيما على أراضيها.

وعلى ذلك يستنتج غاري أن الصين وروسيا ستزيدان من علاقاتهما الاقتصادية المتنامية بالفعل مع المملكة العربية السعودية. لكن في هذا السياق لن تؤثر مثل هذه الأمور سلبا في العلاقات الإيجابية بين الصين وروسيا مع تركيا، لأن الرئيس أردوغان سياسي ناضج يدرك بشكل واضح الديناميكيات الجيوسياسية الأوسع المحيطة بالصين وروسيا والباكستان.

باكستان

وفيما يتعلق بباكستان قال غاري إن الانسحاب الغربي المحتمل من التعاملات التجارية مع الرياض في أعقاب مقتل خاشقجي يجعل من الأهمية بمكان للمملكة العربية السعودية مواصلة تنمية شراكاتها شرقا بما في ذلك مع باكستان.

وأوضح أنه في الوقت الذي تسعى فيه إسلام أباد للحصول على قروض من الدول الغنية لسد ارتفاع العجز في الميزانية، يمكن للمملكة العربية السعودية أن تساعد في تعزيز علاقاتها مع باكستان وشريكها الصيني في وقت تواجه السعودية فيه رفض بعض الشركات الغربية الاستثمار فيها. وهذا يساعد في تفسير السهولة التي منحت بها المملكة العربية السعودية باكستان قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار.

الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة

ورأى المحلل البريطاني أن دعوات مسؤولي الاتحاد الأوروبي إلى تعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية، لا يرجع إلى قضية خاشقجي، بل له علاقة بإيران أكثر من البحث عن الحقيقي في قضية خاشقجي وإدانة السعودية.

وأوضح أن  الاتحاد الأوروبي يشعر بالغضب من تهديد واشنطن بفرض عقوبات على الشركات والدول الأوروبية التي ستستمر في التعامل مع إيران مع بدء تطبيق الجولة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران.

وأضاف أنه مع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، ومع محاولة المعارضة الديمقراطية تسجيل نقاط ضد ترامب بسبب وجهات نظره المؤيدة للسعودية حول مقتل خاشقجي، فقد يخفف الاتحاد الأوروبي من لهجته ضد السعودية، إذا وعد ترامب بسحب تهديده بفرض عقوبات على الشركات الأوروبية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!