ترك برس

اعتبر مركز دراسات روسي مقرب من الرئيس فلاديمير بوتين أن اللقاء الرباعي الذي عقد في إسطنبول، السبت الماضي، بين رؤساء تركيا وفرنسا وروسيا والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، حقق انتصارا دبلوماسيا مذهلا، لأن أحدا لم يكن يتوقع أن تحقق هذه القمة أي نتيجة.

وأوضح مركز "Vladi Club " أن مجرد إصدار بيان مشترك كان مفاجأة سارة، حيث إن الاختلافات المبدئية في مواقف الأطراف الأربعة كانت تنذر بعوائق لا يمكن التغلب عليها، لكنهم تمكنوا من التغلب على بعضها على الأقل. ونتيجة لذلك عكس البيان الختامي المواقف المقبولة للأطراف الأربعة، والأهم من ذلك أنه مقبول لدى الأطراف السورية.

وأشار المركز إلى أن تشديد البيان على مبدأ السلامة الإقليمية واحترام السيادة السورية، وعدم قبول الحل العسكري للصراع، والاعتراف بالتسوية السلمية كطريقة وحيدة لحلها، يعطي ضمانات دولية إضافية بأن وحدة الأراضي السورية لن تمس، وأن وجود أي قوات أجنبية على أراضيها لا يمكن اعتباره إلا مؤقتًا.

ورأى المركز في مقال كتبه قنسطنطين ترويفزتيف، كبير الباحثين في معهد الدراسات الشرقية في الأكاديمية الروسية للعلوم، أن تأكيد فرنسا وألمانيا أكبر عضوين في الاتحاد الأوروبي والعضوين الرئيسيين في حلف الناتو، على المبادئ الأسياسية التي تشكل عملية أستانا وسوتشي، يعد أمرا بالغ الأهمية، حيث إن ماكرون وميركل نسقا مواقفهما مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل القمة.

وبيّن ترويفزتيف أن ميركل وماكرون أدليا بتصريحين يكشفان عن أن شركاء أوروبا الغربية تجاوزا المواقف المعتادة التي يطالب بها الغرب، حيث تحدثت ميركل عن التقدم المحقق في سحب الأسلحة الثقيلة من الجماعات المعارضة في إدلب، بينما تحدث الرئيس الفرنسي عن الحل السياسي واللجنة الدستورية، وأن الشعب السوري وحده هو الذي يقرر مستقبل البلاد.

ورأى الباحث الروسي أن هذا الموقف الجديد من جانب ألمانيا وفرنسا يتيح فرصًا لمزيد من التقارب مع موقف روسيا.

ولفت إلى أن رؤساء دول أوروبا الغربية مهتمون في المقام الأول بمشكلة اللاجئين السوريين من ناحيتين: منع موجة جديدة من المهاجرين، وعودة المهاجرين الحاليين في أوروبا إلى بلادهم

كما أشار إلى أن مشكلة اللاجئين السوريين كانت أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إلى تكثيف التعاون مع روسيا في إدلب، حيث يشعرالرئيس أردوغان بالقلق من حدوث موجة هجرة جديدة للسوريين إلى بلاده التي لا تستطيع تحمل تدفق موجة جديدة من المهاجرين يبلغ عددهم ثلاثة ملايين شخص من إدلب.

ووفقا للباحث الروسي، فإن الخوف من حدوث موجة هجرة جديدة من إدلب إلى تركيا ومنها إلى أوروبا منح بعض المزايا الموضوعية لروسيا خلال قمة إسطنبول. وهذه الميزة استغلها الرئيس الروسي حين شدد على أنه إذا ما عرقلت العناصر الراديكالية التسوية وواصلت الاستفزازات المسلحة من منطقة إدلب، فإن روسيا تحتفظ بحقها في تقديم دعم فعال للحكومة السورية للقضاء على تلك الجماعات.

وذكر ترويفزتيف أن جميع المناطق المناطق المجاورة لضواحي حلب، والمناطق الواقعة شمال حماة وشمال محافظة اللاذقية التي تسيطر عليها من أسماها جماعات إرهابية إما أن تستكمل تركيا إخلاءها منها أو تشن قوات النظام السوري عملية عسكرية ضدها بدعم من روسيا.

وأضاف أن هذه المناطق جميعا يجب أن تخضع في المستقبل القريب لسيطرة الحكومة السورية، في حين سيقى  جزء فقط من محافظة إدلب تحت سيطرة المعارضة المسلحة، أي أن ينتهي وجود المعارضة في شمال غربي سوريا.

وزعم أن هذا السيناريو سيكون له أثر إيجابي في حل مشكلة الهجرة، لأن إدلب ما تزال المشكلة الرئيسية التي تعيق استعادة البنية التحتية والإسكان في البلاد، وتكثيف عملية الحل السلمي، كما أن تشكيل لجنة دستورية يرتبط بحل مشكلة إدلب.

وخلص إلى أنه على الرغم من أن هذا السيناريو غير مناسب لأي من قادة تركيا وفرنسا وألمانيا، فمن الواضح، أنهم غير مستعدين لمعارضته بأي شيء آخر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!