ابراهيم قرة غول – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

بدأت بعض الجهات الخارجية بتحريك التنظيمات الإرهابية تزامناً مع استعداد تركيا لتنفيذ عملية عسكرية في شرق الفرات السوري، وتلجأ الجهات المذكورة للأساليب الإرهابية قبل بداية العملية العسكرية، وتهدف إلى إيقاف تركيا من خلال الإرهاب مرة أخرى، لكنها لم تنجح في ذلك إلى الآن، ولم يستطيعوا إخافة تركيا ودفعها للتراجع، ولكنها تعيد استخدام الأساليب التي لجأت لها لسنوات طويلة، وتبادر في الضغط على تركيا من خلال تحالف التنظيمات الإرهابية، إذ يستمر تنظيم بي كي كي الإرهابي بإرسال سيارات مفخخة إلى الأراضي التركية، ويتم إيقاف السيارات المفخخة والقبض على العناصر الإرهابيين المُرسلين إلى الأراضي تركيا بهذا الغرض في كل يوم.

يُصاب عناصر بي كي كي وداعش بالذعر والقلق مع اقتراب العمليات العسكرية التركية، وتبادر في هجمات مثيرة في الداخل التركي، لكن يجب الانتباه إلى عدم وجود فرق بين بي كي كي وداعش لأن جميع المجموعات الإرهابية في المنطقة يديرها مركز واحد، ويدفع هذا المركز التنظيمات الإرهابية لتنفيذ هجمات إرهابية ضد تركيا من أجل النجاح في تأسيس ممر إرهابي في شمال سوريا.

كما هو معروف هناك اتفاق بين تركيا وأمريكا في خصوص تنفيذ دوريات عسكرية مشتركة في منبج بعد نجاح عمليات درع الفرات وغصن الزيتون إلا أنّ هذا الاتفاق لن يصل للنجاح، إذ لم تف أمريكا بوعودها تجاه تركيا في الساحة السورية مسبقاً، وكذلك لن تف بوعودها الآن، إذ اضطرت تركيا خلال جميع العمليات العسكرية التي نفذتها في غرب الفرات السوري لمواجهة الأسلحة الأمريكية، لأن ضباط الجيش الأمريكي كانوا يديرون عناصر بي كي كي وداعش خلال صراعهم ضد تركيا، إذ أرسلت واشنطن آلاف الشاحنات المليئة بالأسلحة إلى شرق الفرات، أمريكا هي من يدير بي كي كي وداعش، وكذلك هي من يسعى لإيقاف العمليات العسكرية التي تنفذها تركيا في المنطقة.

واجهت تركيا خلال مبادراتها في تل أبيض وعين العرب "كوباني" في سوريا وسنجار في العراق التنظيمات الإرهابية المدعومة من قبل القوات الأمريكية والإسرائيلية والاستخبارات التي تدعم الإرهاب بالسلاح والمعدّات اللوجستية، لأن ممر الإرهاب هو مشروع ناتج عن مبادرة الجهات المذكورة، كما تهدف هذه الجهات إلى تجزئة المنطقة من خلال تأسيس منطقة عازلة بين تركيا والعالم العربي وبالتالي تشكيل شق في صفوف الجبهة التركية وقطع روابط الصلة بين تركيا ودول المنطقة، وأيضاً ترغب هذه الجهات بإعاقة تحرّك تركيا خلال حرب الشرق الأوسط العظمى التي يسعون لإشعالها في المستقبل.

إن العملية العسكرية التي تخطط تركيا لتنفيذها تجاه الممر الإرهابي وشرق الفرات ليست عبارة عن صراع ضد الإرهاب، إنما هي مُداخلة جيوسياسية، وهي عبارة مقاومة إقليمية أمام الخارطة التي رسمتها القوى الخارجية، وكذلك إن إعادة الحسابات التي تعود لقبل مئة عام في الوقت الحاضر تشير إلى أن المشروع المذكور لا يقتصر على تجزئة سوريا فقط، إنما هو مرحلة هامّة بهدف تجزئة تركيا أيضاً.

من الغريب أنّ تركيا تستعد للدخول إلى المنطقة بالمبررات المذكورة وتوضّح الحسابات الدائرة حول المستقبل من جهة، ونحن نتلقى التهديدات من الداخل والخارج التركي، وإن التهديدات الموجّهة من قبل تنظيم داعش الإرهابي لصحيفة "يني شفق" وأصحابها ومدراءها والتي كانت عبارة عن تسجيلات صوتية تقول: "سوف ندمركم وسنغرق تركيا بالإرهاب" جاءت في الصدد ذاته أيضاً وكانت تشير إلى الأيام التي تشهدها تركيا في الوقت الحالي.

كانوا يقولون إنهم سيدمروننا وسيُغرقون تركيا بالإرهاب، وعند النظر إلى إرسال سيارات مفخخة والتجهيزات الإرهابية توازياً مع هذه التهديدات نرى أن الأحداث الأخيرة تتناسق مع تسجيلات الصوت الصادرة عن التنظيمات الإرهابية، لكن مهما كان تنظيم داعش صاحب هذه التهديدات إلا أننا ننظر إلى التسجيلات الصوتية على أنها صادرة عن بي كي كي، صادرة عن الوحدات الاستخباراتية والعسكرية التي تدعم هذه التنظيمات، ننظر إليها على أنها الإرادة الدولية التي تهدف إلى تجزئة الأراضي السورية والمنطقة بأكملها.

جميعنا ندرك معنى وصول هذه التهديدات قبل مُداخلة تركيا في شرق الفرات، إذ تحاول الجهات التي تحاول دفع تركيا للتراجع إخافة صحيفة يني شفق من خلال التهديدات والتسجيلات الصوتية، ونحن نرى هذه التهديدات ونشاهد الاحداث الموازية لها، لكن مهما كانت المخططات ومحاولات الاحتلال والمشاريع كبيرة بالمقابل هناك مقاومة كبيرة وقوية أيضاً، ونحن ننتمي لهذه المقاومة، لأننا لا ننظر إلى الأحداث بناء على اليوم الراهن، إنما ننظر إليها بناء على الوراثة السياسية التي تمتد لأكثر من مئات السنين ونتخذ مواقفنا بناء على هذا الأساس ولن نغيّر محورنا مهما حدث.

وفي هذا السياق لم تكتف صحيفة يني شفق بمراقبة هذه التهديدات فقط، إنما بدأت بمراقبة داعمي التهديدات في الداخل والخارج التركي، وكذلك الجهات التي تبيع جدول الأعمال التركي وتنظّم نفسها في الإطار ذاته، إضافةً إلى مراقبة منفّذي العمليات الموازية لهذه التهديدات في المجالات السياسية والإعلامية أيضاً، لأن هذه المقاومة عبارة عن صراع من أجل المستقبل، صراع من أجل تركيا والمنطقة الجغرافية.

مهما فعلوا ومهما هددوا تركيا من الخارج ومهما عكّروا الأذهان في الداخل فلن يتمكّنوا من الوقوف في وجه دخول تركيا إلى شرق الفرات السوري، لأن هذا ليس صراع الوقت الراهن بل هو صراع المستقبل، وهذه ليست مسألة إرهاب إنما هي مسألة الخارطة الجغرافية، هي مسألة تركيا وإقليمها الجغرافي، ومهما كان المشروع كبيراً فإن مقاومة تركيا ستكون أكبر.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس