الأناضول

شدد نعمان قورتولموش وكيل رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، أن تركيا مستعدة لدفع ثمن بناء نظام عالمي جديد، ومستعدة دائما كبلد متحدث باسم الرحمة والحق والعدالة لطرح أفكارها في هذا الموضوع.

جاء ذلك في مقال نشرته صحيفة "العربي الجديد" التي تتخذ من لندن مقرا لها بعنوان "البحث عن نظام عالمي جديد".

وأوضح قورتولموش في مقاله، أن "تركيا من أجل بناء نظام مالي عالمي جديد، والدخول للمنافسة العالمية في التقنيات العالية، ولتأسيس نظام سياسي عالمي جديد، مضطرة أن تمتلك أفكارا حقيقية يُراهن عليها".

وأضاف أنها "كبلد متحدث باسم الرحمة والحق والعدالة، مستعدة دائما لطرح أفكارها في هذا الموضوع، وتطويرهذه الأفكار، واستمراريتها بالأولوية الإنسانية، ومستعدة لدفع ثمن ذلك مهما كان".

وزاد " على جامعاتنا وسياسيينا، وعلى منظمات المجتمع المدني، أن يحرصوا على معرفة مكانهم ودورهم، أين وكيف، ضمن هذه الصورة الكبيرة، وبذل جهودهم فيها".

قورتولموش استعرض في مقاله الوضع الحالي في العالم، مؤكدا أنه "حالياً، نشهد في النظام العالمي مرحلة باتت جميع المؤسسات والمنظمات فيها في وضع غير فعال، فبعد عام 1990 فقد نظام العالم الجديد، جميع سحره، وباتت في حال غير قادرة معه على القيام بوظائفها".

وحدد المسؤول التركي الأنواع الجديدة للصراع بأنها "حروب الوكالة، حيث قررت القوى والدول الكبرى، خوض حروب الشرق الأوسط عبر قوى شريرة وفعالة من أجل تعزيز قدراتها بشكل أكبر"، متسائلا "من يستطيع تفسير كيفية تشكّل تنظيم داعش الإرهابي، والذي استقر خلال أشهر قليلة فقط من بنائه في الشرق الأوسط، كيف عملوا باحترافية عالية استطاع السيطرة على مدن عراقية وسورية في أسابيع قليلة".

وأجاب عن هذا التسارل بقوله "من لا شيء ظهروا وانتشروا بشكل كبير، الهدف واضح جدا، فالهدف من إنشاء هذا التنظيم هو تغيير حدود كل من العراق وسوريا، وتنظيم البنية العرقية من جديد فيهما".

وزاد أن "من المواضيع التي يصعب تفسيرها أيضا، هم إخوتنا الأكراد في سوريا الذين لم يكونوا ليحصلوا على حقوق المواطنة الأساسية، لديهم اليوم أثقل الأسلحة في العالم، بوضع تنظيم (ب ي د/ ي ب ك الإرهابي) في تلك المنطقة، وكل هؤلاء أدوات في حروب الوكالة، وإن نظرنا إلى هذه القضية من دون هذه التساؤلات، فإننا سنجهد كثيرا في الإجابة عن أسئلة من قبيل ماذا حدث في الرقة يا ترى؟ ماذا حصل في منبج؟، وسنغرق في التفاصيل من أجل الوصول إلى إجابة".

ومن الحروب الجديدة، أوضح أن "مصطلح آخر ظهر وهو الحروب التجارية بهدف زرع الحقد والكراهية والدموع بين شعوب الشرق الأوسط، والتي تصاعدت لتصبح حروباً اقتصادية".

وربط الحروب التجارية في كل هذه الظروف والشروط، بأن "الحرب العالمية الثالثة، بدأت بالفعل منذ زمن بعيد، وهي على عكس الحرب العالمية الثانية، ستبدأ اقتصادية، وبعدها ستتطور إلى مواجهة سياسية كما هو ظاهر، فمن جهة الصين، ومن جهة أخرى الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا والهند واليابان، والاتحاد الأوروبي، وأيضا في مستويات أدنى ظهور الحروب التجارية أو الحروب الاقتصادية التي تتخذ لها مكانا في المرحلة الجديدة التي ندخلها".

وأعرب قورتولموش عن حزنه من أن "هذه المرحلة ستلقي بتأثيراتها على تركيا، ويمكن رؤية ذلك من الآن، من خلال الهجمات التي استهدفت قيمة العملة، والتي بدأت مباشرة بعد تغيير تركيا نظام الحكم فيها، أي منذ انتخابات 24 حزيران/ يونيو الماضي، وهو تنبيه من أجل توضيح الصف الذي تقف فيه، من قبل بعض دوائر القرار في الولايات المتحدة الأميركية".

وفيما يخص أزمة اللجوء في العالم، رأي أن "الأسباب الأساسية، وأولها عدم العدالة في المقياس العالمي في توزيع الدخل، فنحن نعيش الآن في عالم فيه دائرة ضيقة تبلغ 0.7% تسيطر على 44% من ثروات العالم، وفي مقابل هذا، لا يملك 70% من سكان العالم سوى 3% من ثروات العالم".

وأردف "كما أن واحدا من أهم أسباب الصراع أيضا في المجتمعات يكمن في انعدام الديمقراطية، وأقرب مثالٍ عنه يقع في سوريا التي تمزّقت، وقبل الحروب، كان النظام السوري في موضوع الكبت قد تجاوز الحدود الحساسة منذ زمن بعيد، وإذا نظرنا إلى اليمن وليبيا، يمكن رؤية المراحل نفسها".

أما الموضوع الآخر فهو "الاحتلال والتدخل الخارجي، ومثاله أفغانستان التي احتلها بداية الروس، ومن ثم الأميركيون، ولو لم يحصل هذا الاحتلال لما ظهر تنظيم طالبان، ولا تنظيم دولي إرهابي اسمه القاعدة، فمصدر الإرهاب في أفغانستان هو الاحتلال والتدخل الخارجي، والأمر نفسه في الشرق الأوسط".

وأوضح ذلك بالقول "لولا الاحتلال الأميركي للعراق، هل كان أهل كركوك سيشعرون بالعداوة تجاه بعضهم بعضاً؟ ومن المحزن أن يصل العرب والأتراك والأكراد الساكنون في كركوك منذ مئات السنين إلى حالة من العداء، ولم يكف ذلك، فعلى سبيل المثال، نجحوا في تقسيم التركمان إلى تركمان شيعة وتركمان سنة".

وشدد على أن "في هذا العالم، وخصوصا في منطقتنا، في مرحلة إعادة البناء، نحن مضطرّون لإيجاد الحلول الخاصة بشعوب المنطقة، انطلاقا من التجربة التركية وأخذ الإلهام من تركيا، ويجب أن لا تسمح هذه المواضيع بتشكل لوحة متشائمة أمامنا، على العكس، الفترات التي تشهد تهديدات كبرى هي نفسها التي تظهر فرصا وإمكانات كبيرة أيضا".

وحدد المسؤول التركي 3 نقاط في موضوع إعادة هيكلة الاقتصاد والسياسة في العالم، وهو "حقيقة الحاجة إلى مهندس جديد لاقتصاد العالم، فأميركا التي هي الفائز في الحرب العالمية الثانية حولت احتياطيات أموال الحرب إلى حالة من الارتباط بعملتها الوطنية، فحاليا تتم 65% من تجارة العالم بالدولار".

وأضاف "سنعمل على بناء نظام مالي جديد في العالم، وقد ذكر الرئيس رجب طيب أردوغان، عنصرين في هذا الخصوص، الأول منها مرتبط بالتعامل بالدولار في العالم، وللتخلص من ذلك يتوجب التعامل بين الجميع بالعملات الوطنية في التعاملات التجارية، والمقترح الثاني هو وحدة العملة المستندة إلى الذهب".

ولفت إلى أنه "بهذا، مع البنية المالية الجديدة، يعاد النظر مجدّدا في المؤسسات التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية، وسيأتي يوم نرى فيه أن صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي يفقدان وظائفهما السابقة، ونحن مضطرّون لبناء نظام مالي جديد".

وشدد على موضوع آخر وهو التقنيات، بقوله "أمامنا مساحةٌ لفرصةٍ أخرى، وهي التقنيات الحديثة، ففي الفترات السابقة، كان نصر الدول المتطورة علينا في تركيا بسبب التقنيات الحديثة التي تمتلكها، فهذه الدول تعمل على إرسال التقنيات المتعفنة القديمة إلى أسواق الدول التي في طور التطور باسم نقل التكنولوجيا".

وذكر أن "آلافا شاركوا مؤخرا في مهرجان تكنو فيست في إسطنبول، وعرضت تركيا فيه ما تنتجه ذاتيا من طائرات بدون طيار، ومروحيات، ومنتجات قيمة في مجال الصناعات الدفاعية، ولهذا كان المهرجان مهمّاً لإظهار المدى الذي وصلت إليه تركيا تقنيا".

كما تناول ملف النظام السياسي العالمي مبينا انه "من الفرص التي أمامنا، تجديد الميكانيزمات السياسية في العالم، فالبنية السياسية العالمية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة التي كلفت بعد الحرب العالمية الثانية بحل المشكلات، لم تعد قادرة على حمل عالم اليوم، ولهذا نقول العالم أكبر من خمس".

واستشهد قائلا "جميعنا يشاهد وضع إسرائيل التي تسند ظهرها إلى الولايات المتحدة الأميركية، فكل يوم تعمل على قتل إخوتنا في فلسطين، ويتم اللجوء إلى الأمم المتحدة مئات المرات، وبعد الأقوال في مجلس الأمن، تضع أميركا يدها في الأمر، وبهذا، تواصل إسرائيل التي ترتدي درع الحصانة ارتكاب ظلمها أمام مرأى العالم، وكذلك النظام السوري باستخدامه الأسلحة الكيماوية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!