محرم صاري كايا – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

نرى من اليوم ازدياد التعقيدات في المشهد السياسي كلما اقتربنا أكثر نحو انتخابات حزيران، وأصل هذا التعقيد هو استخدام الأحزاب لبعض الخيارات البديلة من أجل الظفر بصوت الناخب التركي في الانتخابات المقبلة، وهذا لم يحصل داخل الحزب الحاكم فحسب، وإنما يجري في سياسة الأحزاب المعارضة أيضا.

وإذا أردنا البدء بسياسة حزب العدالة والتنمية، علينا التركيز جيدا في خفايا التعبيرات الأخيرة التي استخدمها اردوغان، فالسؤال المطروح، على ماذا سيعتمد الناخب من أجل التصويت؟ هل سيصوت لحزب العدالة والتنمية بسبب وعود رئيسه داود أوغلو؟ أم سيصوت له من أجل تحقيق سياسة اردوغان؟

والأمر مماثل أيضا لكل المرشحين، فعلى سبيل المثال، استقالة هاكان فيدان رئيس أجهزة الاستخبارات التركية ليكون مرشحا عن حزب العدالة والتنمية أمر استثنائي، وهذه تحدث لأول مرة في تاريخ تركيا، أنْ يستقيل رئيس جهاز الاستخبارات من أجل أنْ يصبح نائبا في البرلمان.

ولا شك أنّ استقالة هاكان فيدان ليست من أجل أنْ يصبح نائبا للبرلمان فحسب، لأن امتيازاته كرئيس لجهاز الاستخبارات ستكون أكبر من كونه مجرد نائب في البرلمان، وهذا يعني أنّ هناك مسئولية أخرى ستضاف إلى هاكان فيدان، من أجل الاستمرار بعمله وتأثيره على الملفات التي كان يديرها، فعندما يرجح السياسة ببيروقراطيتها على امتيازات جهاز الاستخبارات، فذلك يعني أنّ هناك خطبٌ ما.

قرار 24 نيسان

كنا شاهدين على مثال آخر للاختيارات البديلة، مثل قرار 24 نيسان، الذي يشكل خيارا بديلا من أجل كسر ما سيحصل في الذكرى المئوية لما يعتبره الأرمن مجزرة بحقهم، فالاحتفال بذكرى حرب كاناكالي سيكون من أجل تقليل حدة الفعاليات المتوقع حصولها من قبل الأرمن، من أجل تذكيرهم بأنّ الأتراك كانوا يحاربون في مقدمة الصفوف، بينما خانهم الأرمن وطعنوهم من ظهرهم، وفي هذا رسالة إلى الأرمن وإلى المتعاطفين معهم بأنّ ما حصل كان بسبب أفعالكم.

بديل عن ماذا؟

والأمر مماثل أيضا عند الأحزاب المعارضة، فعلى سبيل المثال قرر حزب الحركة القومية عقد مؤتمره العام بتاريخ 21 آذار/مارس، لماذا حدد هذا التاريخ بالذات وأعلن عنه بصورة مبكرة جدا؟ لأنه يصادف عيد النوروز.

لكن كيف سيستطيع الحزب حينها إيصال رسائله ووعوده إلى الجماهير قبيل الانتخابات المقبلة؟ لأن الشعب ككله سينشغل بعيد النوروز وخصوصا وأنّ هناك احتمالات عديدة لحصول تطورات هائلة على ملف السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد خلال ذلك العيد تحديدا، وعلى رأسها احتمال اتخاذ قرار من قبل حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح والانسحاب إلى خارج تركيا.

لهذا ستتضح خلال الفترة المقبلة الخيارات البديلة لكل حزب من أجل الوصول إلى أصوات الناخبين، فهناك أصوات شبه مضمونة من قواعد الأحزاب، لكن يبقى خيار اللعب على وتر الخيارات البديلة والجزئيات قائما، وهذا ما تسعى إليه الأحزاب السياسية المتصارعة.

لا شك أنّ حزب العدالة والتنمية سيعمل جاهدا على وتر هذه الجزئيات، من أجل الحصول على عدد مقاعد يؤهله من تغيير دستور البلاد لوحده، وربما سياسة الحزب الحاكم التي نشهد بعضا منها، تشير إلى تأثير تلك الخيارات التي يملكها.

بينما في المقابل أنْ يعقد حزب الحركة القومية المعارض مؤتمره قبل أسبوعين فقط من آخر موعد لتسليم قوائم الحزب، سيعني أنه سيكون بوضع حرج تماما، فالهدف من عقد المؤتمر في ذلك التاريخ أنْ يكون في عيد النوروز، لكن أي اهتمام صحفي سيلتفت إليهم ويترك التطورات التاريخية المنتظر حصولها في ذلك العيد؟

الأحزاب المعارضة فقدت ثقتها بنفسها، وثقتها بسياستها، وثقتها بجماهيرها، لهذا تسعى منذ مدة إلى بناء سياستها على انتقاد سياسة الحزب الحاكم، وليس تقديم سياسة بديلة له، لأنها لم تستطع تحقيق ذلك على مدار الانتخابات السابقة خلال 12 عام، لذلك تفضل استخدام الخيارات البديلة والجزئيات من خلال انتقاد حزب العدالة والتنمية.

وفي الأخير، سنتابع ونرى من هي الأحزاب التي تستفيد أكثر من اللعب على وتر هذه الجزئيات والخيارات البديلة، ومن سيحقق أهدافه من خلال القرارات التي اتخذها وسيتخذها قبل الانتخابات من أجل الظفر بصوت الناخب التركي.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس