علاء الصالح - خاص ترك برس

سؤال بائس لا يطرح بالنسبة لفريق من الناس؛ آخرون قالوا سنكون مع إسرائيل ومنهم من قال مع الحزب والبقية قالت "فخار يكسر بعضه"! أنت مع من؟!

السؤال ظل مطروحا خلال الساعات الماضية التي رافقت إعلان الكيان الإسرائيلي عملية أسماها "درع الشمال" على الحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان.. نعم هي أراضي فلسطين المحتلة ولن تكون غير ذاك.

ماذا لو تدحرجت العملية المعلنة نحو حرب طاحنة بين الطرفين إن سلمنا جدلا أن أحدهما ما زال ينصب العداء للآخر! فبحسب رأي الشيخ صبحي الطفيلي أحد مؤسسي "حزب الله" وأول أمين عام له فقد أصبح الحزب في خندق واحد مع بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال يجمعهما خط الحفاظ على نظام بشار الأسد في سوريا!

لكن؛ هل يمنع هذا القاسم المشترك اندلاع مواجهة عسكرية داخل "تحالف الأقليات" المتعاظم في المنطقة؟!

وإن حصلت هذه المواجهة هل سيلحق الضرر بالحزب وترسانته العسكرية أم أن العدو الصهيوني بطبيعته المتوحشة وتاريخه وأصل نشأته التي اقتاتت على دماء أجدادنا في فلسطين سيعمد إلى سفك دماء آلاف الأبرياء من أهلنا في لبنان بالإضافة إلى تدميره وإعادته إلى "العصر الحجري" كما يهدد مسؤولوه من وقت لآخر؟!

لقد شهدت شخصيا عدوان تموز يوليو عام ألفين وستة على لبنان وعايشت الإرهاب الإسرائيلي حينها بكل تفاصيله ولم تكن تلك المرة الأولى وعلمت حينها وقبلها أن هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة والسلاح والصواريخ! لغة الاستشهاديين والانغماسيين.. وأزعم أن تلك الصواريخ هي التي أخضعته حينها وهي التي تردعه اليوم من ممارسة هوايته باستباحة لبنان وغزة كلما أراد.

لكن؛ لماذا ينحصر هذا السلاح في لبنان بيد فصيل واحد هو "حزب الله"؟ لماذا تم إنهاء بقية أحزاب المقاومة كقوات الفجر الجناح العسكري للجماعة الإسلامية وغيرها من فصائل المقاومة اللبنانية؟ لماذا تم السماح للحزب بدعم سوري إيراني وربما باتفاق أمريكي بالوصول إلى هذه الحالة من الهيمنة على الدولة اللبنانية وقرارها بدلا من التوافق على استراتيجية دفاعية تحمي البلاد والعباد دون استقواء طرف على آخر بحجة السلاح "المقاوم"؟! أين أصبح الشيخ أحمد الأسير الذي أعلن تشكيل كتائب مقاومة لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل؟! لماذا حصر السلاح بيد حزب طائفي ولاؤه لدولة خارجية هي إيران تحركه عندما تريد لمواجهة عقوبات أو إجراء مفاوضات؟!

إن الجرائم التي ارتكبها حزب إيران وحلفاؤه في لبنان وسوريا وغيرهما بحق اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين؛ من مدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني ومنطقة عبرا ومسجد بلال بن رباح تحديدا إلى القصير وداريا والزبداني وغيرها من المناطق الثائرة التي  استباحها الحزب ولم يكن فيها داعشي واحد يتذرع بمقاتلته؛ أوجدت حالة من السخط الشديد عليه حتى أصبح كثيرون اليوم يتمنون تلقيه ضربة عسكرية حتى لو جاءت من "إسرائيل" بل حتى لو وقعت من العفاريت الزرق! ومنهم السوري المفجوع بأهله وأبنائه الذي كواهه الحزب بنيرانه وكان سببا في تمكين جلاد الشعب السوري وإفشال ثورته اليتيمة التي تآمر عليها الأمريكي والإسرائيلي والروسي والإيراني وغيرهم.

وعلى الرغم من ذلك ومن استفحال ظلم "حزب الله" أو حزب إيران أو حزب الولي الفقيه سموه ما شئتم! ورغم تهديد أبواقه وغلمانه بسبعة أيار جديد أي بالاعتداء على اللبنانيين واستخدام السلاح في الداخل اللبناني؛ ورغم كل ما يمارسه الحزب من تجاوزات؛ إلا أنه من غير المقبول أبدا التصفيق أو الترحيب بأي عدوان صهيوني على لبنان تحت ذريعة ضرب الحزب وإنهائه؛ هذه الدعوة جريمة موصوفة! لأن أي عمل عسكري ضد لبنان لن يقتصر على استهداف الحزب بل سيؤذي البلد بأكمله ببشره وحجره كما حصل سابقا.

لا شأن لمجرم الحرب نتنياهو بما يجري في لبنان وهو إن أقدم على الحرب فإنما لتصدير أزماته الداخلية مع العلم أنني أميل إلى الرأي القائل بأن تحالف الأقليات في المنطقة مستمر حتى إشعار آخر.. أي أن بشار ونتنياهو وحلفاءهما في خندق واحد حاليا؛ وأن ما يقوم به العدو عند الحدود مع لبنان هو عمل أمني محدود في الداخل الفلسطيني المحتل.

إن الجهاد والمقاومة إنما شرعا للدفاع عن المظلومين وقتال المحتلين الظالمين؛ وإن قيادة حزب الله بممارساتها تتحمل مسؤولية كبرى وجريمة عظمى في تخلي كثيرين عن مشروع المقاومة في لبنان وكفرهم به بعد احتكاره وتشويهه وإضاعة بوصلته.

إن العبور إلى فلسطين تحت الأرض وفوق الأرض يكون برجال طاهرين مؤمنين لم يقتلوا الأبرياء في القصير والزبداني وحمص وحلب ولا يتحالفون مع الظالمين السفاحين! سنعبر مع قوم يحبون فلسطين ولايتاجرون بها.. لا يكرهون الفلسطينيين ويذلونهم أو يقبلون بقهرهم عند حواجز المخيمات الفلسطينية في لبنان ولا يقومون بهدم المخيمات في سوريا وتهجير أهلها وكأن تحرير فلسطين يبدأ منها! سنعبر إلى فلسطين بالتكبير دون لطم ولعن وتطبير؛ سنعبر بالعدل والحق والحرية؛ بالزهد والتقوى والورع.. بالعزم والقوة والشدة على عدونا.. والرحمة والمحبة والذلة لإخواننا.. بمشروع واضح يوحدنا ويحفظ سلاحا لا يوجه إلا إلى صدور أعدائنا الغاصبين المعتدين.

لن يخيرنا أحد بين ظالمين اثنين ولن نقبل بأن نكون إلا مع أمتنا المكلومة وتطلعاتها الواعدة بغد أفضل يزهر فيه الربيع وننعم بالحرية الكاملة من احتلال الداخل والخارج.. وهذا ليس بحلم عابر إنما حقيقة قادمة عسى أن تكتمل وتعم من خلال البناء على ما حققته التجربة التركية الواعدة غير المكتملة ولا المثالية الكاملة والتي يعول عليها كثيرون ويسهر على قيامتها وإتمامها "طيبون" مجتهدون عرفوا هدفهم ويسيرون إليه بخطى واثقة وخطة محكمة رغم الرياح والأمواج العاتية!

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس