كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

في الحقيقة، انتهت الحرب الداخلية في سوريا. هُزم العدو في الساحة "داعش"، ولم يعد يشكل خطرًا. 

القوى الممثلة للشعب السوري في أغلبها قريبة من تركيا، وأسكتت أسلحتها بانتظار التوصل إلى مصالحة. 

لكن بطبيعة الحال، لأن الحرب لم تنته على ما تشتهيه الولايات المتحدة تتأجل صياغة النظام السياسي الجديد. 

في الحقيقة، القوة التي تعرقل الحل السياسي اليوم في سوريا ليست سوى الولايات المتحدة. 

فالظروف ملائمة تمامًا من أجل الدستور الجديد والانتخابات والمرحلة الانتفالية، لكن الولايات المتحدة لا تريد تطبيق خارطة الطريق التي أعدتها تركيا وروسيا وإيران من أجل تشكيل النظام الجديد في سوريا. 

لأن واشنطن لم تستكمل بعد خطواتها في الشمال السوري من أجل تشكيل "الإقليم الكردي". وتعتزم الولايات المتحدة إتمام جميع التفاصيل بشأن "الإقليم"، قبل الانضمام إلى المفاوضات التي سيتضح فيها الحل السياسي. 

لن تأتي الولايات المتحدة إلى مفاوضات الحل السياسي إلا بعد أن تشكل جيشًا مجهزًا بشكل كامل، وتؤسس حكومة مستقلة، وتضع المنطقة تحت حمايتها من الجو. 

في هذه الحالة لن يبقى أمام النظام السوري والبلدان الأخرى سوى قبول "وجود وحدات حماية الشعب". هذا هو هدف التحركات الأمريكية في شمال سوريا.

وهذا هو السبب أيضًا في مماطلة الولايات المتحدة تركيا بخصوص منبج وشرق الفرات.  فمنبج تتمتع بأهمية لكونها "بوابة" تنفتح على شرق الفرات، ومن الصعب أن تتخلى واشنطن عن مثل هذه "البوابة" الاستراتيجية لتركيا

بعد وضع شرق الفرات تحت حمايتها تمامًا ربما ترضى الولايات المتحدة بترك منبج لتركيا، ويبقى ذلك رهن التحضيرات التي تجريها في الداخل. 

بمعنى أن واشنطن دربت حتى الآن جيشَا إرهابيًّا يتراوح عدده ما بين 8 و10 آلاف عنصر، في حين أن هدفها هو تجهير وتسليح 40 ألف مقاتل. 

من ناحية توريد السلاح، ليس هناك مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة، فمن الواضح أنها تسعى لتسليح جيش تعداده 50 ألف مقاتل على الأقل.

ستضع الولايات المتحدة شرق الفرات تحت حمايتها في مواجهة تركيا من خلال القواعد العسكري التي بنتها، ونقاط المراقبة الجديدة التي ستنشئها.

وبعد أن تستكمل استعداداتها في شرق الفرات ستشارك الولايات المتحدة في مفاوضات الحل السياسي بسوريا، وستفرض على الأطراف الاعتراف بـ "الإقليم الكردي في سوريا".

تأسيس دولة كردية في شرق الفرات هو مشروع يسعى لتنفيذه الغرب منذ مئة عام. رفضت تركيا هذا المخطط قبل قرن من الزمن حتى عندما كانت في أضعف حالاتها، ولا يمكن أن تقبل به أنقرة اليوم قطعًا. 

تسعى أنقرة من أجل القيام بتحضيراتها وحساباتها، وضبط توازنها بشكل جيد. وتقف متحفزة بهدف انتهاز الفرصة المناسبة من أجل التدخل.

وكما أن إملاءات الغرب من أجل شرق الفرات لم تفلح في الماضي فهي لن تنجح في الحاضر أيضًا. وفوق ذلك، فإن أنقرة أقوى وأكبر عزمًا وثقة مما كانت عليه في أي وقت مضى.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس