محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

تقف تركيا على عتبة مرحلة خطيرة..

لا يبدو أن من السهل تجاوز هذه المرحلة التي بدأت مع اتخاذ الولايات المتحدة قرار الانسحاب من سوريا.

هناك الكثير من المشاكل والأسئلة المتداخلة مع بعضها. ماذا سيكون وضع وحدات حماية الشعب التي سلحتها الولايات المتحدة، بعد الانسحاب؟ ماذا ستفعل روسيا وإيران والنظام؟ ماذا سيكون رد تركيا على موقف روسيا المطالب بتسليم المناطق التي تخرج منها الولايات المتحدة للنظام؟

وعندما نضيف إلى ما سبق الاتحاد الأوروبي وفرنسا تظهر أمامنا سلسلة من العلاقات المعقدة. يبدو أن هذا المشهد والأسئلة سوف تؤثر مباشرة على علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وروسيا على حد سواء.

هذه الأرضية المعقدة تشير في الوقت نفسه إلى مدى أهمية المرحلة التي تعيشها تركيا، وإلى مدى صعوبة المهمة الملقاة على عاتقها.

في هذه المرحلة تقع على عاتق المعارضة في البلاد، وليس الحكومة والرئيس رجب طيب أردوغان فقط، مهمة خطيرة. لكن للأسف لا تكترث المعارضة وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري.

ما يهم المعارضة شيء آخر. فبالأمس انشغلت بأمور أخرى كشكاية تركيا إلى لاهاي بزعم دعمها لداعش، والاعتراض على عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون، وإعلان الجيش الحر، المدعوم من الجيش التركي، "إرهابيًّا"، واليوم تنشغل بأمور تافهة متعلقة بنتنياهو.  

لكن لو أن حزب الشعب الجمهوري نظر إلى الماضي وقرأ فكر زعيمه الراحل بولنت أجويد لفهم سبب وجود تركيا اليوم وسط هذه المشاكل المعقدة، ولما لعب دور المعارضة السلبية.

فأجويد، خلال مقابلة عام 2005، تحدث عما ينتظر تركيا، وإليكم مقتطفات مما قاله:

"تمتلك تركيا والأمة التركية تراثًا شاملًا من الأعراف. موقعنا الجيوسياسي شديد الأهمية. مع تقارب أوروبا وآسيا زادت أهمية تركيا منذ بدء تشكل مشروع أوراسيا. تركيا عنصر محوري في أوراسيا..

المهم هو الاستفادة من إمكانياتنا الناجمة عن موقعنا السياسي دون أن نتجاوز الحد المعقول. وفي الوقت ذاته علينا معرفة أن تركيا هي أكثر بلدان العالم حساسية من الناحية الجغرافية، ولهذا ستواجه مشاكل وتقع في مآزق باستمرار. لكن لا داعي للقلق أبدًا.

بإمكان تركيا التغلب على جميع المشاكل. بعض الدول ضمن مشروع أوراسيا تسعى من أجل جعل تركيا بلا حول ولا قوة. لكن من جهة أخرى هي بحاجة لتركيا.

لماذا أتحدث عن ما سبق؟ إذا استطاعت تركيا استخدام قوتها النابعة من تاريخها، ستتمكن من التغلب على كافة المشاكل.

علينا ألا نكون مرتبطين بالاتحاد الأوروبي لا من الناحية السياسية ولا الاقتصادية. ينبغي علينا الانفتاح على العالم بأسره، وأن نطور علاقات خاصة جدًّا مع بلدان منطقتنا وروسيا وبلدان آسيا الوسطى والشرق الأقصى والهند. تركيا هي البلد الوحيد القادر على إقامة علاقات مع كل بلدان العالم".

 عند النظر إلى السياسة العالمية متعددة الاتجاهات التي يتبعها أردوغان، يتبادر السؤال التالي إلى الأذهان: من الذي يتبنى تراث أجويد، أردوغان أم قلجدار أوغلو؟

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس