ترك برس

تناولت تقارير إعلامية أسباب ودلالات إعلان النظام السوري دخول قواته إلى مدينة "منبج" في ريف محافظة حلب شمالي سوريا، في ظل التعزيزات العسكرية التركية الضخمة في المنطقة على خلفية إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من الأراضي السورية.

وتخضع مدينة منبج لسيطرة ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG)، الذراع السوري لتنظيم "حزب العمال الكردستاني" (PKK) المصنف في قائمة الإرهاب، والتي تحظى بدعم عسكري من الولايات المتحدة تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية".

الإعلامي والكاتب الصحفي التركي رسول سردار أتاش، أشار إلى تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن البيان "حرب نفسية" من النظام السوري.

وقال أتاش، خلال برنامج تلفزيوني على قناة "الجزيرة" القطرية، إن مصادره التركية أكدت له أن قوات النظام لا تسيطر على مركز منبج، لكنها موجودة في أطرافها.

ويرى أتاش أن دخول قوات النظام إلى وسط المدينة لن يتم دون ضوء أخضر روسي يسمح لهم بذلك، لأن دخولهم سيؤدي إلى تعقيدات بين روسيا وتركيا.

وأوضح أن النظام السوري لا يستطيع اتخاذ قرار بنفسه تجاه أي مدينة تغادرها القوات الكردية. وأفاد بأن الجانبين التركي والروسي سيجتمعان قريبا بموسكو لوضع خريطة طريق تنظم ترتيبات الأوضاع في المنطقة وخاصة منبج.

وبخصوص ما إن كانت القوات التركية ستصطدم بالقوات الكردية؛ أكد أتاش أن القوات الكردية إذا بقيت ككيان مستقل في أي مكان بالمنطقة فإن العمليات العسكرية التركية لا مفر منها لكون هذه مسألة أمن قومي تركي، لأن أنقرة تعتبرها فرعا من حزب العمال الكردستاني "الإرهابي" والذي تقاتله أنقرة منذ أربعة عقود. لكن إن قبـِل الأكراد الاندماج في الجيش السوري فإن تركيا لن تقاتلهم.

بدوره قال الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية العميد الركن المتقاعد هشام جابر، إن منبج مدينة كبيرة وهناك قوات كثيرة تحيط بها، والمعلومات التي وردته من مصادر متعددة تؤكد أن طلائع رمزية من جيش النظام دخلت بعض أحيائها، ورفعت العلم السوري ولا يزال مرفوعا هناك.

وأضاف جابر أنه – من جهة أخرى – يعتبر النفي الأميركي والتركي صادقا لأن هذه القوات لم تدخل إلى وسط المدينة، وأن كل ما جرى كان بترتيب من موسكو؛ مذكرا بأن القوات التركية لما وصلت منبج -خلال عملية درع الفرات- منعها الأميركيون والروس من دخولها، وحينها طلب الأكراد تسليم المدينة إلى الجيش السوري ووافقت روسيا على ذلك لكن أميركا منعته.

وأوضح أن الدوريات المشتركة بين القوات الأميركية والتركية تقع على مشارف منبج وليس وسطها، والقوات الأميركية لا تزال موجودة داخل المدينة، ولذلك فإن الجيش السوري لا يمكن أن يدخل هذه المناطق خشية من وقوع صدام مسلح بين الطرفين، وروسيا هي من يمنع الصدام بين الجميع.

ومن المبكر الحديث عن دخول الجيش السوري، لكن ربما تقنع روسيا أنقرة بدخول الجيش السوري لهذه المناطق، حسب جابر.

أما مدير مركز الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما والمتخصص في الشؤون السورية البروفيسور جوشوا لانديس فأكد أن هناك مفاوضات جارية بين كافة الأطراف المعنية بموضوع منبج (أميركا وتركيا وروسيا)؛ مشيرا إلى أن "الأكراد يريدون حكما ذاتيا والنظام السوري يريد السيطرة على المدينة، والجميع موجود عسكريا إما داخل منبج أو حولها".

وأشار لانديس إلى أن أميركا تشعر بالارتباك؛ فهناك بعض المحيطين بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يريدون سيطرة تركية على منبج لحساسيتهم تجاه مصالح الأكراد الذين ساعدوا أميركا كثيرا، ويطالبون بالتمسك بهم وحمايتهم؛ وهناك سياسيون أميركيون يخشون من ترسخ النفوذ الإيراني.

ويرى أنه بما أن "الأكراد يفضلون تسليم منبج للقوات السورية وليس التركية فإن واشنطن ستستجيب لرغبتهم".

في السياق، يقول المحلل السياسي حسن النيفي إن من الواضح ومنذ أن أصدر الرئيس الأميركي قرار انسحاب القوات الأميركية من سوريا، أن هناك شعورا باليتم السياسي والعسكري بدأ يتنامى شيئا فشيئا ثم أصبح متداولا الآن لدى قوات سوريا الديمقراطية.

وأشار المحلل إلى أن هذه القوات في النهاية ستحاول أن تسلم كل المناطق للنظام نكاية بتركيا والمعارضة، لكن كل هذا مرتبط بالتفاهمات الدولية ومحاولات النظام الدخول إلى منبج ووضع ضغوط على الأتراك.

وفي خضم الشائعات التي انتشرت حول دخول النظام إلى المدينة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالمنشورات والتغريدات الساخرة من دخول النظام والمفندة له.

ورأى البعض إعلان النظام مشابها لما جرى في مدينة عفرين، فيما رآه البعض حربا نفسية على المدينة، كما انتقد بعض المغردين وتهكموا على ما يدور في منبج معتبرين أنه استعراض للعضلات لا أكثر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!