ترك برس

يبدأ غدا رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، زيارة رسمية إلى تركيا تستغرق يومين يلتقي خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكبار المسؤولين الأتراك. وفي تعليق على الزيارة نشر المحلل السياسي البريطاني، آدم غاري، مقالا عرض فيه للمكاسب السياسية والاقتصادية التي يمكن أن يجنيها خان من زياراته لتركيا.

الاستفادة من تجربة العدالة والتنمية

ويشير غاري إلى أن عمران خان أسس حزب الإنصاف في عام 1996، لكنه لم يتمكن من الوصول إلى السلطة إلا بعد أكثر من عشرين عاما قضاها في صفوف المعارضة. وفي المقابل، فإن حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان كان القوة الحاكمة في تركيا منذ عام 2002.

واضاف أن حزب العدالة والتنمية أثبت طيلة العقدين الماضيين أنه فاعل سياسي منضبط للغاية، تاركا معظم الأحزاب الأخرى بما في ذلك حزب الشعب الجمهوري العريق في الغبار الانتخابي. وصار يُنظر إلى العدالة والتنمية فيما يتعلق باختيار وزراء من ذوي الخبرات، وحشد الناخبين، وتعبئة الرأي العام، وتشكيل النقاشات الفكرية الشاملة في السياسة التركية، على أنه نموذج للنجاح السياسي حتى من قبل معارضيه الذين يرغبون في محاكاة نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات.

وإذا كان الحزبان التركي والباكستاني وعدا بإصلاحات جوهرية وتجديد اجتماعي وسياسة خارجية جديدة ونموذج اقتصادي جديد لدولتيهما، فإن السياسة الباكستانية أقل استقرارًا بشكل عام من نظيرتها في تركيا المعاصرة، وما يزال حزب الإنصاف يحتاج إلى إنشاء نوع من الانضباط السياسي للحزب الذي يعتبره الكثير من أنصار حزب العدالة والتنمية في تركيا أمراً مفروغًا منه.

ووفقا للمحلل البريطاني، فإن عمران خان يجب عليه أن يتحدث مع أردوغان حول كيفية تمكنه من إخراج حزب العدالة والتنمية من تشرذمات الأحزاب السياسة التركية وصوغه في كتلة واحدة.

إشراك تركيا في مشاريع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني

ويذكر غاري أن تركيا تشكل جزءًا حيويًا من مبادرة الحزام والطريق التي تربط منطقة آسيا والمحيط الهادئ بالمنطقة الأفرو-أوروبية متوسطية الأوسع، ولذلك فإن من الأهمية بمكان إشراك تركيا في المشاريع المتعلقة بالممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني (CPEC) التي تشكل واحدة من أهم شرايين الحزام والطريق.

وأردف أن تركيا تتمتع حاليًا بعلاقات ممتازة مع إيران، ومن ثم فهناك إمكانية لأن تقود تركيا مبادرات ربط الحزام والطريق التي ستساعد على تنسيق الروابط التجارية بين باكستان وإيران وتركيا. ويمكن لمبادرات الربط الجديدة هذه أن تساعد في تشكيل جوهر مجال التجارة الأوسع بين الصين والمحيط الهادئ إلى تركيا والبحر المتوسط.

وبين أن مشاركة تركيا في  الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني من شأنه أن يساعد باكستان وتركيا على تحقيق فوائد اقتصادية واضحة، كما يساعد على تعزيز العلاقات التجارية المتنامية مع الصين. وأخيرا، يمكن أن يساعد الممر التجاري بين الصين وباكستان وإيران وتركيا على تقليل اعتماد إيران على الاستثمار الهندي فيما يتعلق بميناء تشابهار.

نهج مشترك لمكافحة الارهاب

ويذكر غاري أن أنقرة وإسلام أباد تواجهان تهديدات إرهابية من من مجموعة من المتطرفين (مثل جماعة طالبان في باكستان وتنظيم غولن في تركيا) وكذلك الجماعات الإرهابية العلمانية، مثل جيش تحرير بلوخستان في باكستان وحزب العمال الكردستاني في تركيا).

وحيث إن المحكمة العليا في باكستان قد حظرت رسميا تنظيم غولن من الأراضي الباكستانية، فيمكن لكلا البلدين تبادل الخبرات في مكافحة الإرهاب، وأن تتعاونا على جعل العالم يدرك أنه لا يمكن القضاء على الأشكال المتعددة للإرهاب، إلا إذا اعترف المجتمع الدولي بعدالة الحرب التي يشنها البلدان على الإرهاب، وأن يتعاون معهما في ذلك.

استقلال السياسة الخارجية

وأخيرا يلفت غاري إلى أن القيادة الباكستانية تستطيع الاستفادة من تجربة الرئيس التركي وقدرته الفريدة على الاحتفاظ بمواقف جيوسياسية متوازنة وغير منحازة رغم الضغط الذي تعرض له من جميع الاتجاهات.

وأوضح أن صمود أردوغان نجح في خلق مناخ يمكن فيه لتركيا الدفاع عن حقوق شريكها الإيراني، وأن تحصل على تنازلات من واشنطن لاستيراد النفط الإيراني. كما شهد عام 2018 وصول الشراكة التركية الروسية إلى آفاق جديدة، بينما تمكنت تركيا والولايات المتحدة في الوقت نفسه من إعادة العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والبراغماتية. وفي الوقت نفسه، تواصل تركيا تلقي المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة من كل من الصين والاتحاد الأوروبي في حين تسرع تركيا بشكل سريع من شراكاتها الدبلوماسية والاقتصادية في جميع أنحاء أفريقيا وجنوب شرق آسيا ومعظم العالم العربي.

وفي المقابل اختار قادة باكستان على مدى عقود الاصطفاف مع الولايات المتحدة، ونتيجة لذلك لم يكن لديهم ما يقومون به على صعيد النمو الاقتصادي، ناهيك عن تعزيز الأمن.

ويخلص غاري إلى أن عمران خان في سعيه نحو سياسة غير منحازة تشدد على الصداقة مع الجميع، والعلاقات القائمة على الاحترام المتبادل وعدم العداء مع أحد، يستطيع أن يأخذ دروسا قيمة من الرئيس أردوغان فيما يتعلق بعدم الانحياز العالمي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!