الأناضول

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وباكستان عام 1947، بعدما أصبحت الأخيرة أكبر بلد مسلم على الخريطة العالمية.

وكانت تركيا واحدة من الدول القليلة التي اعترفت سريعا بباكستان عقب تأسيسها، ودعمت محاولاتها الناجحة لتصبح عضوة في منظمة الأمم المتحدة.

كما قامت تركيا بطباعة العملة الباكستانية "روبية" خلال الأشهر الأولى من إطلاقها.

وكانت باكستان تستخدم العملة البريطانية ـ الهندية المعدنية المختوم عليها اسم "باكستان" قبل التقسيم.

ورغم تاريخ العلاقات الحديثة بين باكستان وتركيا والتي بدأت منذ عام 1947، إلا أن جذور هذه العلاقة ممتدة منذ القرن التاسع عشر.

ودعم مسلمو شبه القارة الهندية تركيا سياسيا وماليا خلال حرب القرم في القرن التاسع عشر.

وقال محمد علي صديقي، محلل سياسي مختص بشؤون تركيا، للأناضول، إن "الدعم (الذي قدمه مسلمو شبه القارة الهندية لتركيا) يمكن وصفه بالبداية الفعلية لعلاقات العصر الحديث بين باكستان وتركيا".

وأضاف أن مسلمي شبه القارة الهندية "دعموا تركيا في حرب الاستقلال التي تبعت الحرب العالمية الأولى، عبر إطلاقهم حركة الخلافة الشهيرة (1919 ـ 1924) للضغط على الحكومة البريطانية من أجل الحفاظ على سلطة السلطان العثماني خليفة للمسلمين".

** اتفاقيات

تعد باكستان وتركيا جزءا من العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والدفاعية خلال اثنين وسبعين عاما الأخيرة.

وكان ميثاق "بغداد" في خمسينيات القرن الماضي أول منتدى مشترك بين الدولتين.

وتم توقيع الميثاق بشكل رئيسي بين تركيا والعراق عام 1954، ثم تم تحويله إلى معاهدة مركزية أو حلف مركزي "CENTO" عام 1958 بعد انسحاب بغداد منه.

وفي يوليو / تموز 1964، شكلت تركيا وباكستان وإيران، المنظمة الإقليمية للتعاون من أجل التنمية "RCD" لتعزيز التعاون الاجتماعي والاقتصادي بين الدول الثلاث.

غير أنه تم تغيير اسم المنظمة المذكورة في يناير / كانون الثاني 1985، إلى منظمة التعاون الاقتصادي "ECO" بين الأعضاء ذاتهم.

وعام 1992، تم توسيع نطاق منظمة "ECO" بانضمام سبع دول جديدة، وهي أفغانستان، وأذربيجان، وكازاخستان، وقرغيزستان، وطاجكستان، وتركمانستان، وأوزبكستان.

** دعم مستمر

دعمت باكستان دائما تركيا في موقفها بشأن جمهورية شمال قبرص، فيما تدعم أنقرة إسلام آباد في إقليم جامو وكشمير.

وعلى هذا النحو، منعت تركيا بالتعاون مع السعودية، في فبراير / شباط 2018، مساعي أمريكية وبريطانية لإدراج باكستان ضمن قائمة الدول التي فشلت في الحد من تمويل الإرهاب.

وفي المقابل، أطلق الباكستانيون حملة "دعم الليرة التركية" في جميع أنحاء البلاد، بشراء الليرة بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات أحادية الجانب ضد وزيرين تركيين في أغسطس / آب الماضي.

وفرضت واشنطن العقوبات عقب توقيف تركيا القس الأمريكي أندرو برانسون، واتهامه بالإرهاب (أفرجت عنه تركيا في أكتوبر / تشرين الأول الماضي بعد تمضيته مدة حبسه).

وفي السياق، يعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الشخصية الأجنبية الوحيدة التي شاركت ثلاث مرات في جلسة مشتركة للبرلمان الباكستاني، وذلك خلال الأعوام 2009، و2012، و2016.

وتعتبر باكستان واحدة من الدول القليلة التي أدانت بشكل فوري المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا عام 2016، وأعربت عن تضامنها مع الحكومة التركية المنتخبة.

والأسبوع الماضي، أمرت المحكمة الباكستانية العليا الحكومة في إسلام آباد بتصنيف "غولن" منظمة إرهابية، وحظر مدارسها في جميع أرجاء البلاد.

ودبرت المنظمة بقيادة فتح الله غولن، المطلوب لأنقرة، محاولة انقلابية فاشلة في 15 يوليو / تموز 2016 في تركيا، أسقطت 251 شهيدا ونحو ألفين ومئتي مصاب.

** تعاون اقتصادي

تمثل أنقرة وإسلام آباد جزءا من اتفاقيات عدة، إلا أنهما عززا تعاونهما الاقتصادي، والدفاعي، والصحة، والطاقة، بعد وصول حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان إلى السلطة.

والعام الماضي، أسست شركة "زولو إينرجي هولدنج" لتوليد الكهرباء، وهي شركة تركية رائدة، مشروع طاقة شمسية قدرته 100 ميغاوات، في حديقة "القائد الأعظم الشمسية" في منطقة باهاوالبور بإقليم البنجاب (أكبر أقاليم باكستان).

وفي نوفمبر / تشرين الثاني المنصرم، أعلنت شركة "كوكا كولا" في تركيا، ضخ استثمارات بقيمة 200 مليون دولار في باكستان خلال فترة تراوح بين عامين وثلاثة أعوام.

وعلى صعيد القطاع الصحي، أهدت تركيا مستشفى إلى باكستان عام 2014.

ويقع ذلك المستشفى في منطقة "مظفر كرة"، على بعد 380 كيلومترا من عاصمة إقليم البنجاب لاهور.

كما كانت الحكومة التركية في مقدمة من قدموا المساعدات لإسلام آباد في جهودها الرامية إلى إعادة تأهيل ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب أزاد كشمير ـ الجزء الخاضع لسيطرة إسلام آباد من إقليم كشمير ـ عام 2005، وراح ضحيته أكثر من 80 ألف شخص.

كما كانت تركيا من أوائل الدول التي ساعدت باكستان في عمليات إعادة الإعمار عقب الفيضانات التي ضربت البلاد عام 2010 و2011، وغمرت خُمس مساحة باكستان.

ووفرت الحكومة التركية السكن لنحو ألفين من ضحايا الفيضانات في منطقة ثاتا، قرب مدينة كراتشي جنوبي باكستان.

** تعاون دفاعي

في يوليو / تموز الماضي، وقعت شركة "توساش" للصناعات الجوية والفضائية اتفاقية مع وزارة الدفاع الباكستانية، تنص على تزويدها بـ 30 مروحية استطلاع تكتيكي من طراز "أتاك T129"، إضافة إلى حزمة من العقود الخاصة بالمواد الاحتياطية، واللوجستية، والذخائر والتدريب.

وسيتم تسليم المروحيات المشار إليها، والمصممة خصوصا للهجوم والاستطلاع، تدريجيا على مدى خمس سنوات.

وفي الوقت نفسه، ستشتري أنقرة مقاتلات من طراز (MFI-17" (Super Mushshak" إضافة إلى ثلاث غواصات من باكستان، كما ستشتركان في بناء ناقلة أسطول.

وفي السياق، فازت أنقرة في يوليو 2018 بمناقصة بمليارات الدولارات، لتوريد أربع فرقاطات إلى البحرية الباكستانية، تم وصفها بأنها "أكبر صفقة تصدير لصناعات الدفاع التركية في التاريخ، قام بها وزير الدفاع الوطني نور الدين جانيكلي".

وفقا للاتفاق، سيتم بناء فرقاطتين في مدينة إسطنبول، واثنتين أخريين في مدينة كراتشي الباكستانية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!