ترك برس

اعترف الكاتب والمحلل السياسي الروسي، أندريه أونتيكوف، بأن روسيا لا تستطيع منع إقامة المنطقة العازلة في شرقي نهر الفرات التي ترغب تركيا والولايات المتحدة في إقامتها، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدرك هذه الحقيقة لكنه لا يريد تحدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وتحت عنوان "دولتان تخططان لإنشاء منطقة آمنة في  شمال سوريا" كتب أونتيكوف أن إنشاء منطقة أمنية في شمال سوريا على طول الحدود مع تركيا يتحول تدريجياً من الإطار النظري إلى حقيقة على الأرض. وقد أبدت تركيا على الفور موافقتها على على اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإنشاء منطقة تبلغ مساحتها 460 كم بعرض 32 كم، تغطي المناطق الشمالية لمحافظات حلب والرقة والحسكة.

وأضاف أن أنقرة تنظر إلى المنطقة الجديدة بوصفها فرصة لتوسيع الحدود داخل الأراضي السورية، وإنشاء نوع من المنطقة العازلة أمام وحدات حماية الشعب الكردي "ي ب ك" التي تعدها أنقرة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الموجود على قائمة الجماعات الإرهابية في تركيا.

وأشار أونتيكوف إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى المنطقة العازلة نظرة مغايرة للنظرة التركية، فعندما اقترح ترامب إنشاء تلك المنطقة هدد بتدمير الاقتصاد التركي إذا هاجمت تركيا ميليشيات "ي ب ك". وهذا يعني أن الأمريكيين يريدون بعد مغادرة سوريا استخدام المنطقة العازلة لحماية الحلفاء الذين كانوا يعتمدون عليهم خلال السنوات الماضية.

ولكن المحلل الروسي لفت إلى أنه على الرغم من وجود كثير من الخلافات بين واشنطن وأنقرة فإنهما تتقاسمان أرضية مشتركة واحدة: ضرورة إنشاء المنطقة الأمنية دون اعتبار لرأي النظام السوري.

واعتبر أونتيكوف أن احتمال إقامة المنطقة الأمنية لن يكون مطروحا، إذا وافق تنظيم "ي ب ك" على تسليم المناطق الواقعة الشرق من نهر الفرات إلى جيش النظام السوري أو السماح  للنظام بالسيطرة على مساحة 32 كم فقط من الحدود الواسعة في المرحلة الأولى، بحيث تكون هذه القوات حاجزا موثوقا بين الجيش التركي و"ي ب ك".

وأكد المحلل الروسي أن الاتفاق بين النظام السوري و"ي ب ك" لا يلوح في الأفق، كما أن قوات سوريا الديمقراطية التي يمثل التنظيم عمودها الفقري أصدرت بيانا أعربت فيه عن استعدادها لتقديم الدعم لإنشاء المنطقة الأمنية في شمال البلاد بشرط أن يكون لديها "ضمانات دولية".

وعلق أونتيكوف على ذلك بالقول إن من المعروف جيدا  كيف تنتهي هذه المواقف، ويكفي أن نتذكر كيف تطور الوضع حول عفرين السورية والمناطق المجاورة، إذ استولى الأتراك عليها بالقوة في نهاية المطاف، وتُرِكَ "ي ب ك" بمفرده.

وفيما يتعلق بالموقف الروسي  يلفت المحلل الروسي إلى تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي ذكر فيه أن المنطقة الأمنية سيتم بحثها خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى موسكو في 23 يناير/ كانون الثاني، وأن الهدف المباشر هو استعادة وحدة أراضي سوريا وسيادتها.

ومن المقرر أن يلتقي اليوم في روسيا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الروسي فلاديمير بوتين، لبحث مجموعة من الملفات بالغة الأهمية تتعلق بالملف السوري سيكون أبرزها التطورات الأخيرة في إدلب عقب توسيع هيئة تحرير الشام سيطرتها على المحافظة، إلى جانب ملف الانسحاب الأمريكي من شمالي سوريا ومقترحات المنطقة الآمنة.

ووفقا لأونتيكوف، فإن روسيا، انطلاقا من تجربة السنوات السابقة، ستعارض بالتاكيد إنشاء المنطقة الآمنة التي كانت تركيا تدعو إقامتها بشكل أو بآخر على الحدود السورية منذ عام 2013.

ولكن رغم المعارضة المتوقعة لروسيا لإقامة المنطقة، يقر أنتيوكوف بأن أدوات موسكو للتأثير في الوضع في المناطق الواقعة شرق نهر الفرات محدودة، وأن أردوغان يدرك ذلك تمامًا. لكنه يدرك جيدا أنه لا ينبغي عليه تحدي فلاديمير بوتين مرة أخرى لأنه لن يؤثر فقط على الوضع في سوريا ولكن على العلاقات الثنائية. لذا فإن المحادثات القادمة ستكون صعبة.

وفيما يتعلق بما يتداول إعلاميا من أن موسكو ستوافق على إنشاء المنطقة الأمنية في مقابل السماح لجيش النظام بالسيطرة على إدلب التي استولت هيئة تحرير الشام أخيرا على أجزاء واسعة منها، استبعد المحلل الروسي أن تقبل تركيا هذه الصفقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!