غولاي غوكتورك  - صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

التحليلات التي تصدر فيما يخص استقالة فيدان أكثر من أن تحصى... فبعضهم قسّم حزب العدالة والتنمية منذ الآن, ونصّب فيدان رئيساً للوزراء, وسلب أردوغان من كل داعميه ووضع جميع الأركان المهمة في الحزب في أماكن ما, حتى أن بعضهم رسم الخريطة السياسية الجديدة لما بعد عام 2015.

يعتبر احتلال خبر استقالة أحد منسوبي الطبقة البيروقراطية العليا من منصبه وتوجهه إلى الاشتراك في العملية السياسية واجهة الأخبار في بلد ما أمراً مثيراً للاستغراب. ولكن عندما يكون في الموضوع احتمال لاختلاف في الرأي بين أردوغان وداود أوغلو فإن حادثة استقالة بسيطة تتحول إلى باب للأمل بالنسبة للمعارضة التي تحاول الاستفادة القصوى منه.

ولا يجب أن يكون هذا مثيراً للاستغراب. لأنه وبعد المحاولات المتعددة فهمت المعارضة أن الطريق الوحيد لإزاحة حزب العدالة والتنمية من الحكم هو إضعاف الحزب لنفسه, وتقسّمه بفعل الصراعات الداخلية.

أما عندما ننظر إلى المسالة من وجهة نظر حزب العدالة والتنمية فإننا نرى مايلي:

أصبح حزب العدالة والتنمية الحزب الحاكم منذ زمن وذلك بفعل عدة عوامل حيث لم تستطع المعارضة أن تكون بديلاً بأي شكل من الأشكال , وبسبب كون وحدة تركيا هو الهدف الأساس لسياسة الحزب, وبسبب حل كل المسائل المهمة العالقة وعلى رأسها المسألة الكردية.

وظهور جماعات ذات آراء وأفكار مختلفة في حزب ما بعد أن يصبح حزباً حاكماً وظهور بعض الجدل السياسي بين هذه الجماعات أمر لا بد منه, وهو أمر مهم لحياة ذلك الحزب... وبكلمات أخرى , بسبب عدم وجود المعارضة التي يمكنها تصحيح مسار الحزب الحاكم إن صح التعبير فإن الحزب يصبح مضطراً ولسد ذلك النقص لإنشاء معارضته بنفسه أيضاً. وتعتمد حياته الفكرية وقدرته على التجدد والديناميكية على مدى نجاحه في ذلك.

وإذا نظرنا إلى المسألة بهذا الشكل, فإننا يجب أن نتفهم مثل هذه الأحداث في مؤسسة بهذا الحجم بدل الخوف أو اللجوء إلى إخفاء الاختلافات الفكرية الحاصلة.

ولكن يجب أن لا ننسى التالي أبداً:

الخطر ليس في الاختلاف في الرأي, وإنما في عدم فهم هذه الاختلافات بالشكل الصحيح. حيث أنه لا سبب من الخوف من النقاشات والاختلافات الفكرية التي تكون مرتبطة بالأفكار وليس بالأشخاص , والتي يكون التسامح أساساً فيها , ولا يكون الهدف منها خلق العداوة والتحزّب حول الأشخاص والنقاشات التي تكون بشكل مفتوح ومعلن. حيث أن النقاشات التي تسير على هذا النحو تنتهي عادة بالوصول إلى أفكار مشتركة وإلى الاتحاد من جديد على أعلى المستويات.

إضافة إلى أنه يوجد سبب مهم آخر لعدم الخوف من انقسام حزب العدالة والتنمية  بسبب الاختلاف في وجهات النظر: هذا الحزب ليس أي حزب, هذا حزب صاحب رؤية عمرها 90 سنة ... حزب تم إبعاده عن الحكم عبر 90 سنة من تاريخ الجمهورية, وعندما كان يقترب من الحكم كان يتم صهره بقبضة من حديد, حزب الملايين من الذين عوملوا معاملة المنبوذين في وطنهم, لذلك فإنهم لن يغفروا لأي من الفعاليات السياسية داخل الحزب الذي أوصلوه إلى الحكم إذا ما تسبب خلافهم في فقدانه للحكم بعد أن صدّقوا أن الحظ قد ضحك لهم أخيراً. ولن يفلح من يحاول أن يفتح الطريق لذلك كائناً من كان.

وبرأيي فإن هذا أهم العوامل التي تحمي وحدة حزب العدالة والتنمية. حيث أن الخوف من تعرض الملايين من القاعدة الشعبية للحزب لخيبة الأمل يقف حاجزاً أمام إقدام العناصر الفاعلة في الحزب على فعل كهذا, تلك الجماهير التي صبرت وناضلت عشرات السنين من أجل إيصاله إلى هذه الأيام والتي أوجدته من العدم وكانت السبب في حياته .

للانقسام وبال كبير إلى درجة أنه لا يستطيع أحد أن يتحمله. يتناقشون , وقد يتجادلون أيضاً ولكني متأكد من إدراكهم في نهاية اليوم لوحدة قَدَرِهِم. 

عن الكاتب

غولاي غوك تورك

كاتبة في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس