ترك برس

يتطلع محققون دوليّون، برئاسة مقررة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي أجنيس كالامارد، إلى زيارة القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، والتي كانت مسرحًا لجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

ونقلت وكالة "رويترز" الدولية عن كالامارد، المحققة في مجال حقوق الإنسان من الأمم المتحدة، إنها قدمت طلبا للسماح بدخول مسرح الجريمة بالقنصلية السعودية في اسطنبول وزيارة المملكة العربية السعودية.

وقالت كالامارد التي تبدأ يوم الاثنين مهمة تستغرق أسبوعا في تركيا بناء على دعوة تلقتها من أنقرة، إنها لم تتلق بعد ردا من السلطات السعودية بشأن طلبها.

وأوضحت كالامارد "لقد طلبت دخول القنصلية السعودية في اسطنبول وعقد اجتماع مع سفير المملكة العربية السعودية في تركيا.. وسعيت أيضا للحصول على إذن بالقيام بزيارة مماثلة للمملكة العربية السعودية".

ولم يصدر أي بيان أو تصريح من السلطات السعودية بخصوص السماح للمحققين الدوليين بزيارة القنصلية في إسطنبول.

والعام الماضي قال المتحدث باسم النائب العام السعودي إن السلطات احتجزت 21 سعوديا فيما يتعلق بالقضية ووجهت اتهامات إلى 11 منهم وأُحيلوا للمحاكمة. وطالب النائب العام هذا الشهر بإعدام خمسة من المتهمين.

وقالت كالامارد "أتصور أن يكون هذا التحقيق خطوة ضرورية من ضمن عدد من الخطوات لبلوغ الحقيقة الكاملة عن جريمة مقتل السيد خاشقجي الشنعاء وتحديد المسؤولية رسميا".

وأضافت أن فريق التحقيق سيقدم في تقريره لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو حزيران توصيات فيما يتعلق بضمان ”مساءلة رسمية. وتابعت أنها طلبت معلومات من سلطات أخرى منها السلطات الأمريكية.

وقالت "من المأمول أن يساعد هذا في ضمان المساءلة والشفافية في هذه القضية وقد يفتح سبلا جديدة لمنع تكرارها وحماية الحق في الحياة في حالات أخرى تشمل الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحاسبة عن قتلهم".

وكانت قد أعلنت يوم الخميس أن فريقا قانونيا ومختصًا بالطب الجنائي يضم ثلاثة خبراء دوليين، سَيسعى للوقوف على "طبيعة ومدى المسؤوليات الواقعة على دول وأفراد" فيما يتعلق بتلك الواقعة.

واغتيل خاشقجي، الذي كان كاتب مقالات في صحيفة واشنطن بوست ومقيما بالولايات المتحدة، داخل القنصلية السعودية في اسطنبول في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول حيث كان يسعى للحصول على وثائق لازمة لعقد قرانه.

وتعتقد أجهزة المخابرات الأمريكية أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمر بتنفيذ عملية قتل خاشقجي، الذي كان ناقدا لسياسات المملكة، وتقول إن جثته قطعت ونقلت لموقع ما زال مجهولا. وتنفي الرياض أي ضلوع لولي العهد في الأمر.

في السياق، قال المحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا، إن تركيا أجرت تحقيقاً شفافاً في القضية، وبذلت كل ما بوسعها من أجل تحقيق العدالة ومعاقبة الجناة، إلا أن أبعاد القضية تفوق قدرتها على ملاحقة المتورطين في الجريمة ومحاكمتهم، في ظل موقف السعودية الرافض لأيّ تعاون مع الجانب التركي.

وأوضح ياشا، في مقال بصحيفة العرب القطرية، إنه "في مقابل إلحاح أنقرة على كشف ملابسات الجريمة، أطلقت الرياض منذ إعلان قتل الصحافي السعودي عدة روايات متناقضة، يُكذّب بعضها بعضاً، في محاولة لإخفاء الحقيقة".

وقال إن زيارة المحققة الأممية وفريقها لتركيا تعني الخطوة العملية الأولى في سبيل تدويل القضية، ويأمل أصدقاء خاشقجي، والمتعاطِفون مع قضيته، والمدافعون عن حقوق الإنسان وحرية الصحافة، أن تنجح مساعي الخبراء الدوليين في دفع السعودية إلى تسليم الجناة ليمثلوا أمام المحاكم الدولية حتى تتحقق العدالة.

وأضاف: "تركيا لم تكن ترغب في تدويل قضية اغتيال خاشقجي، وطلبت من السعودية تسليم المشتبه بهم إليها ليُحاكموا في المحاكم التركية، لأن الجريمة تم ارتكابها في اسطنبول، إلا أن السعودية رفضت هذا الطلب، ولم يبقَ أمام أنقرة أي خيار آخر غير التدويل وطلب تحقيق دولي.

تدويل قضية اغتيال خاشقجي ليس لصالح السعودية، وقد يرى مسؤولون سعوديون أن خروج الملف من يد تركيا يسهّل إغلاقه عن طريق صفقات، إلا أنهم يتجاهلون نقطة في غاية الأهمية، وهي أن التدويل سيمنح القوى الدولية فرصة ابتزاز السعودية، ما يعني أن الرياض ستدفع مبالغ طائلة لشراء تأييد تلك القوى من الأموال التي يحتاج إليها الشعب السعودي، ورغم ذلك، قد لا يكفي دفع تلك الأموال لطيّ الملف وإفلات الجناة من العقاب".

ويرى ياشا أن "من محاسن التحقيق الدولي، أنه سيجعل ملف قضية اغتيال خاشقجي مفتوحاً، وأن السعودية التي اعترفت رسمياً بوقوع الجريمة في قنصليتها باسطنبول، ستضطر على الأقل لتسليم بعض أعضاء فريق الاغتيال ليمثلوا أمام المحاكم الدولية، ولن تستطيع إخفائهم في فلل فاخرة في الرياض بعيداً عن الكاميرات".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!