هلال قابلان – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

يتجه التقارب التركي الروسي نحو شراكة غريبة. أقول غريبة لأن تركيا كانت بمثابة تهديد أكثر منها جارة لروسيا منذ انضمامها للناتو قبل 67 عامًا.

كانت الدول المؤتمرة بأمر واشنطن عماد سياسة محاصرة روسيا. مع تحرر السياسة الخارجية التركية في عهد أردوغان، عملت أنقرة على إقامة علاقات أقرب مع موسكو، مبنية على المصلحة المتبادلة.

خلال تلك الفترة أسقطت تركيا مقاتلة روسية في سوريا. عادت العلاقات المتوترة إلى سابق عهدها بسرعة مع اتصال بوتين كأول زعيم عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة.

في أعقاب ذلك، اغتيل السفير الروسي بأنقرة على يد عنصر من تنظيم "غولن"، وعدت تركيا بالكشف عن ملابسات الحادثة، وعمل الأمن التركي والروسي معًا. بدا أن الحادثة التي كان من المنتظر أن تسبب القطيعة، أقنعت البلدين بالتقارب أكثر.

أبرم البلدان اتفاقية منظومة إس-400، ووُضع حجر الأساس لأول محطة نووية تركية بحضور بوتين. كما قدمت أنقرة وموسكو، في إطار مسار أستانة، نموذجًا لحل دبلوماسي في إدلب.

وفي القمة الأخيرة بالكرملين أجرى بوتين وأردوغان مباحثات هامة من أجل السلام في سوريا. كان أكثر ما لفت الانتباه في تصريحات بوتين إشارته إلى اتفاق أضنة الموقع بين تركيا وسوريا عام 1998.

بموجب الاتفاق طرد الأسد الأب من سوريا زعيم بي كي كي عبد الله أوجلان، وأغلق معسكرات التنظيم في سوريا ولبنان. كما كان الاتفاق تصريحًا رسميًّا باعتبار بي كي كي تنظيمًا إرهابيًّا.

لهذا فإن إشارة بوتين إلى الاتفاق تنطوي على ضرورة اعتبار وحدات حماية الشعب تنظيمًا إرهابيًّا في ظل الواقعية التاريخية. وحديث بوتين عن الاتفاق تضمن أيضًا رسالة إلى تركيا تفيد بضرورة مخاطبتها الدولة والأسد في سوريا.

بيد أن أردوغان يقول إنه "لا يمكن التواصل على مستوى رفيع مع رجل تسبب بموت حوالي مليون شخص، وأجبر الملايين على الهجرة".

هذا موقف صائب ليس على الصعيد الأخلاقي فحسب، بل على الصعيد السياسي أيضًا. هذا الموقف الثابت هو ما دفع الجيش السوري الحر للعمل تحت إشراف القوات المسلحة التركية.

حتى لو لم يكن هناك خلاف بين تركيا وروسيا في مسألة المنطقة الآمنة، إلا أن من الصعب القول بوجود أي اتفاق بشأنها بين البلدين. ولو كان هناك اتفاق على خريطة منطقة آمنة لأومأ الزعيمان إليه لكن القمة الأخيرة لم تتحدث عن تفاهم من هذا القبيل.

ما سيحدد موقف البلدين هو كيفية ملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأمريكي من خلال التعاون التركي الروسي، وطبيعة مشاركة سوريا في هذا التعاون الثنائي. ولهذا فإن السؤال المطروح في عنوان المقال سيبقى نقطة مفتاحية خلال الفترة القادمة.

عن الكاتب

هلال قابلان

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس