نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تبدو الأزمة السورية بلغت مرحلة جديدة تولد ضغطًا على تركيا من ناحية الوقت. وخير مؤشر على ذلك تقديم اللاعبين الرئيسيين روسيا والولايات المتحدة مقترحين غريبين لتركيا خلال فاصل زمني قصير.

يعتقد البلدان أن مخاوف تركيا الأمنية الناجمة عن الوضع في سوريا، سوف تزول في حال تطبيق المقترحين اللذين تقدما بهما. الولايات المتحدة طرحت على الطاولة خطة "المنطقة الآمنة" بخصوص شرق الفرات، في حين عادت روسيا إلى الدفاتر القديمة وقدمت اتفاق أضنة، مؤكدة أنه سيزيل كل مخاوف تركيا الأمنية.

تعتبر تركيا لاعبًا يتوجب أخذه في الاعتبار، بالنظر إلى سياسات البلدين المتنافسين في الشرق الأوسط وسوريا. لكن عند النظر إلى قواتهما وعلاقاتهما على الساحة يتضح أن تركيا بالنسبة لواشنطن وموسكو على حد سواء ليست لاعبًا أصليًّا وإنما ثانوي.

فأولوية الولايات المتحدة في سوريا هي كسر النفوذ الإيراني وتحقيق أمن إسرائيل. لا تهتم واشنطن كثيرًا لمسألة من سيكون في الحكم، وأي نظام سياسي سوف يُطبق وكم سيستغرق ذلك. حتى حزب الاتحاد الديمقراطي مسألة فرعية في هذا الإطار.

المشهد مشابه على الجبهة الروسية. حصلت موسكو على ما تريده في سوريا، وما سيقوم به بوتين من الآن فصاعدًا هو عبارة عن لمسات سياسية أخيرة، بما في ذلك إدلب.

أكثر ما يمكن أن يزعج موسكو في هذا الإطار هو تعرض الأسد لحادث غير منتظر أو خروجه عن النظام، ولهذا تأتي تركيا في طليعة من يتوجب على روسيا متابعتهم بعناية.

وفي هذا السياق، عندما طرح بوتين اتفاق أضنة مجددًا، كان يذكر تركيا بمخاوفها الأمنية من جهة، ويسعى لإخراج الأسد من دائرة كونه موضوع نقاش.

عند النظر من جهة تركيا، هناك سلسلة من القضايا الواجب التفكير بها. في ظل التطورات الحالية، يتوجب على تركيا اتخاذ قرار بشأن تحديد المسألة التي تشكل "قضية وجود" بالنسبة لها في سوريا.

أول ما يتبادر إلى الأذهان تنظيم بي كي كي الناشط في العراق وإيران وسوريا وتركيا. ينبغي دراسة التنظيم ككل جراء اكتسابه قدرات وشبكة علاقات خلال الحرب السورية.

ثانيًا، المقاتلون الأجانب المحاصرون في إدلب، وهيئة تحرير الشام. وأخيرًا، نظام الأسد المنهك من الحرب الداخلية، لكنه ما يزال يكن الضغينة لتركيا.

ينبغي على تركيا ألا تقرأ هؤلاء اللاعبين المذكورين في القائمة على حدة، وإنما مع الكلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية التي يمكن أن يتسببوا بها.

تعدد المسائل في القائمة يشير إلى أن هدف تركيا السياسي ما يزال غامضًا. ومن أجل التغلب على هذه الناحية يجب وضع ترتيب للأولويات.

وينبغي أن يكون السؤال المطروح هو التالي: أي نظام سياسي في سوريا إذا تحقق يمكن أن تنحل "قضية الوجود" بالنسبة لتركيا؟ وإلا ستبقى الأهداف غامضة والقدرات غير كافية والفرص ضائعة والكلفة عالية.  

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس