ترك برس

رأى المحلل السياسي التركي غالب دالاي، أن الاجتماع الأخير بين الرئيسين التركي والروسي في موسكو أظهر أن الطرفين مصممان على عدم القيام بأي شيء يمكن أن يعرض علاقاتهما الثنائية للخطر، وهي العلاقات التي يعتبرانها مفيدًا للغاية بالنسبة إلى البلدين.

وقال دالاي مدير البحوث في منتدى الشرق والزميل في معهد بروكنغز، في مقابلة مع مركز (Valadi club) الروسي، إن هناك واقعا جديدا بدأ يظهر على الأرض في سوريا بعد إعلان انسحاب القوات الأمريكية، ولذلك فإن مناقشة المناطق الآمنة على طول الحدود السورية التركية ستصبح عاملاً جديدا للاستقرار داخل سوريا.

وأشار دلاي إلى أنه مع وجود جميع الجهات الفاعلة في سوريا التي تمتلك أهدافا ورؤى مختلفة، فمن المحتمل أن تصبح هذه المناقشة عملية، وليست صفقة.

وأوضح أنه "ستكون هناك عملية جديدة بين تركيا والولايات المتحدة. ومن المحتمل أن تشمل هذه العملية بعض الجهات الفاعلة الأخرى، مثل فرنسا".

وووفقا لدالاي فإن هذه العملية إذا تجاوزت حدود الصفقة، فإن السؤال بالنسبة لتركيا سيكون كيفية المناورة مع الجانبين في نفس الوقت: شركاء أستانا روسيا وإيران من جهة، ومعظم شركائها الغربيين  الذين سيناقشون مستقبل الجزء الشرقي من سوريا، من جهة أخرى.

وأضاف أنه سيكون هناك بعض التداخل والخلاف بين هاتين العمليتين، لكن تركيا تريد على الأرجح إرسال رسالة إلى شركائها في أستانا بأن ارتباطها بالولايات المتحدة لن يأتي على حسابها.

وقال دالاي إن روسيا وتركيا تتباينان في الرؤى والأهداف المختلفة فيما يتعلق بالجزء الشمالي الشرقي من سوريا الذي تسيطر عليه الميليشيات المدعومة من الولايات المتحدة.

وبيًن أن روسيا ترى أن هذه المناطق يجب أن تخضع لسيطرة نظام الأسد وتروج لصفقة بين نظام الأسد وتنظيم "ب ي د/ ي ب ك". ومن ناحية أخرى، تطالب أنقرة بشكل من أشكال السيطرة التركية على طول الحدود مع سوريا، على الرغم من أن نطاق وشكل هذه السيطرة ما زال قيد النقاش. لكن من الواضح لتركيا أن هذه السيطرة يجب أن تتماشى مع أهدافها الأمنية تجاه "ب ي د"، أو قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وفيما يتعلق بمستقبل إدلب، لفت دالاي إلى أن هناك اتفاقا كبيرا بين تركيا وروسيا على أنها يجب أن تكون خالية من أي شكل من أشكال التنظيمات المتطرفة، بما في ذلك هيئة تحرير الشام التي وسعت في الآونة الأخيرة سيطرتها على الأرض على حساب قوات المعارضة المعتدلة الأخرى بما في ذلك تلك التي تدعمها تركيا.

وأعرب دالاي عن اعتقاده بأن روسيا لا ترغب في استخدام توسع هيئة تحرير الشام في إدلب ذريعة لحملة عسكرية كاملة تضع تركيا في موقف بالغ الصعوبة. وعلى الرغم من نقاط الخلاف الكثيرة بين أنقرة وموسكو، فإنهما يلتقيان في نقطة واحدة هي أنه يجب إزالة هيئة تحرير الشام من هذه المنطقة.

وأشار الخبير إلى أن العلاقات التركية الروسية تقوم إلى حد كبير على عدم التوافق الجيوسياسي. وقال: "إذا نظرت إلى كثير من المناطق، ليس في الشرق الأوسط فحسب، ولكن أيضًا في دول البلقان أو القوقاز أو شرق البحر المتوسط، فإن الأولويات الاستراتيجية لكل من تركيا وروسيا لا تتوافق في أي مكان تقريباً".

لكن على الرغم من أن هذه العلاقات تنافسية وليست علاقات تعاون، فقد يكون هذا هو السبب الذي جعل التعاون التركي الروسي ضروريًا للغاية، كما يرى دالاي، موضحا أن حقيقة أن تركيا كانت الداعم الرئيسي للمعارضة السورية وروسيا هي الراعي الدولي الرئيسي للنظام السوري هو ما يعطي معنى لهذه العملية.

وأضاف أن عملية أستانا لم تكن لتبدأ بدون روسيا، لكنها لم تكن لتكتسب الشرعية الدولية بدون تركيا، التي جلبت المعارضة السورية إلى طاولة المفاوضات. وفي هذا الصدد يشكل عدم التوافق الاستراتيجي بين تركيا وروسيا قضية تحفزهما على التعاون فيما بينهما.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!