برهان الدين دوران - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس 

يقترب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إعلان النصر على داعش، وصرح يوم الأربعاء بأنه يتوقع إصدار إعلان رسمي الأسبوع المقبل. يريد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا فوراً بعد استرداد كل الأراضي الواقعة تحت سيطرة داعش، والانسحاب من أفغانستان تدريجياً. وفي محاولة لمعالجة مخاوف منتقديه، تعهد الرئيس الأمريكي بالعودة إلى سوريا إذا تعافى الإرهابيون ومراقبة إيران من العراق ومنعها من صنع أسلحة نووية.

يتفق انسحاب الولايات المتحدة مع وعود ترامب في حملته الانتخابية، كما أنه يعكس فقدان أمريكا لشهية الحرب منذ عهد باراك أوباما. سيحاول الرئيس الأمريكي بالتأكيد استخدام "انتصاره" على داعش وقراره إعادة قواته إلى الوطن لدعم حملة إعادة انتخابه. وبعبارة أخرى، لا يوجد ما يدعو للشك في أن ترامب جاد في الانسحاب من سوريا. وخلال مشاركتي في حلقة نقاشية عقدت في واشنطن حول العلاقات التركية الأمريكية، نظمتها  مؤسسة (SETA)، سمعت نفس الحجة من كثير من الحاضرين. وأشار آخرون إلى أن واشنطن قد تنسحب من العراق خلال العامين المقبلين.

هناك مشكلتان واضحتان في انسحاب الولايات المتحدة من مناطق النزاع. أولاً، المقاربة الفوضوية لدى إدارة ترامب في صنع قرار السياسة الخارجية، حيث خضعت العملية السياسية في جميع مراحلها لترامب الذي عجز عن تعيين مناصب قيادية في وزارة الدفاع التي يناط بها الإشراف على الانسحاب. وفي الوقت نفسه فإن موقف مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية اللتين تقع عملية الانسحاب في إطارهما يبقى غامضا.

ولعل الأهم من ذلك أن البيت الأبيض لم يأخذ بعين الاعتبار الآثار الجانبية المحتملة للانسحاب الأمريكي قبل الكشف عن الخطط. لا يمكن للعالم أن يتوقع بأي منطق أن تبدأ الولايات المتحدة في الانتباه إلى تأثير انسحابها الوشيك من سوريا والعراق وأفغانستان. ولا يبدو أن واشنطن مهتمة بكيفية تأثير هذه الخطوات على حلفائها وعلى مناطق مختلفة من العالم. ومما يدل على هذه الحقيقة أن الأمريكيين يحاولون حماية ميليشيات تنظيم "ي ب ك" التابعة لتنظيم "بي كي كي" من تركيا على خلفية الانسحاب

من غير المرجح أن يفي ترامب بالوعود التي قطعها عندما وقع على قرار انسحاب الولايات المتحدة. وإذا كان من الواضح أنه يستطيع توجيه ضربات لأهداف سورية مرة أخرى في حالة عودة داعش، فإن فكرة مراقبة إيران من العراق تبدو غامضة وتعيد إلى الأذهان خطة الـ12 خطوة لاحتواء إيران التي كشفت عنها الإدارة في وقت سابق. لقد ألغى ترامب خطة احتواء النفوذ الإيراني في سوريا، ومن غير المرجح أن يحقق هذا الهدف في العراق. وقد أعربت الحكومة العراقية بالفعل عن معارضتها  لسياسة ترامب في احتواء إيران ، وبدأت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في إصدار تهديدات ضد واشنطن. على أنه لا يمكننا استبعاد احتمال أن تتجاهل الولايات المتحدة تلك التحذيرات، وأن نشر مزيدا من القوات في العراق.

تعتقد واشنطن التي تفضل التركيز على الصين ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، أنها أنفقت الكثير من المال على مغامرات في الشرق الأوسط؛ وهو ما يعني أن الولايات المتحدة لن تحتوي إيران بناء على الطلب الإسرائيلي والخليجي. وبدلاً من ذلك، تأمل واشنطن في شلّ اقتصاد إيران بفرض عقوبات عليها لإجبارها على العودة للتفاوض بشأن الاتفاق النووي.

وفي النهاية فإن صورة البلورة المضيئة خلال القمة الإسلامية الأمريكية في الرياض لا تخدم سوى غرض واحد، هو تحويل أموال الخليج إلى مقاولي الدفاع الأمريكيين. وحتى لو لم تتوقف واشنطن عن حماية الخليج من إيران ، فإن انسحابها من سوريا وأفغانستان والعراق يمكن أن يشعل منافسة شرسة بين القوى الإقليمية، وأبرزها تركيا وإيران.

يجب على دول الخليج التي تحاول إلحاق الأذى بتركيا من خلال السماح بعمليات سرية ضدها، أن تنتبه دون تأخير لتهديد التوسع الإيراني الذي يلوح في الأفق، وأنها تحتاج إلى مساعدة تركيا لتحقيق التوازن مع إيران في الشرق الأوسط.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس