موسى الهايس - خاص ترك برس

كثيرة هي تعاريف الشعوبية  إلا أنها جميعا تعني  حسب ما أختصره القرطبي  في تعريفه على أنها حركة " تبغض العرب وتفضل العجم".!

لذا فإن الدارس لتاريخ الشعوبية والباحث عن وجودها لابد وأن يتلمسها  بالتاريخ العربي كون العرب هم المستهدفين بالتبغيض دون غيرهم  وأول مايتبادر للذهن  بدايات النشاط الشعوبي في العهدين الأموي و العباسي عندما  بدأت العناصر الشعوبية تنخر في جسد الدولة حسدا وغيرة أن أعتز العرب وأصبحت لهم دولة بعد أن كانوا جنودا في معسكرات امبراطوريتي ذاك الزمان.

ومن قراءة بسيطة لدسائس شعوبيي ذلك الوقت وأفعالهم يتأكد للمتابع أن الهدف الأول للشعوبيين هو إضعاف هذه الدولة  والعمل على هدما أينما كانت ويتبين ذلك من الكره والحقد الذي يحمله الشعوبيون للعرب تحت  شتى المزاعم  وبشتى الوسائل..

والشعوبية في تركيبة  الدولة العربية ظلت عصية على الاستئصال بسبب الطابع الإسلامي للدولة أنذاك التي لافضل فيها لعربي على أعجمي . فاستغل الشعوبيون هذا المساواة  في الوصول الى مراكز قرار المسلمين وما أن وصلوا حتى تحولت الدعوة للمساواة بحسب المفكر "علي شريعتي " الى حركة تدعو الى  - تفضيل العجم على العرب  - من خلال ترويج الافكار القومية وإشاعة الياس من الإسلام.

 ويبقى استخدام هذا السلاح من قبل الشعوبييين  منوط بواقع الحال الذي عليه الدولة العربية قوة وضعفا ففي حالات الضعف تصبح  جلية صريحة  وتتجسد بشن الحروب والفتن . ثم تستتر في مراحل القوة  ليقتصر نشاطها من خلال دس المفكرين والساسة ودفعهم  في جسم الدولة يتملقون الحكام ويظهرون لهم الولاء بوسائل دنيئة لتقلد المناصب والوظائف  تهيئة لمرحلة الانحطاط والانقضاض.

وقد أثبت التاريخ أن أبرز حالات الانحطاط  التي شابت مراحل الدولة عبر التاريخ كانت بفعل تغلغل أولئك الانتهازيون من الشعوبيين في مفاصلها ووصولهم الى مراكز القرار والتاثير فيه.  

وهكذا نجدهم يختلقون الذرائع على مر العصور للتهجم على العرب مستخدمين كل السبل للنيل منهم ولم يوفروا وسيلة للحط من العربي وتحقيره والإساءة اليه الا واستخدموها بل وغالبا يختلقون الأكاذيب ويسردون الاساطير بغية اظهار دونية العرب.

هو التاريخ يتكررو تتشابه الحقب الزمنية  مع تعاقبها  حتى تكاد تكون مستنسخة عن بعضها  لشدة تطابقها .فما أشبه اليوم بالأمس.

على أنه ليس تجنيا إذا قلنا أن جميع شعوبيي العالم عيال على المدرسة الشعوبية الفارسية التي وضع بذرتها  أبو لؤلؤة المجوسي والتي تبقى أسوأ أنواع الشعوبية وأشرها وقد خرجت الكثير من الادباء والشعراء والمفكرين  الذين تفننوا في شتم العرب باقذع الاوصاف  ويأتي على رأسهم الفردوسي صاحب الشاهنامة  الذي أصبح كتابه  المذكور معجم لمحترفي صنعة بغض العرب ومرجعا للكثير من الشعوبيين المعاصرين يغذون منه أحقادهم.

والملاحظ في عصرنا تنامي هذا الحقد الشعوبي بشكل ملحوظ بل لانبالغ إذا قلنا أن العمل جاري على قدم وساق وفق مخططات تلقى دعما وتشجيعا من قوى عالمية ومؤسسات وظفت له شعارات براقة  كمحاربة الارهاب ونشر مفاهيم الحضارة والتطورو الديمقراطية  وثقافة حقوق الانسان  وحقوق المرأة . وقد وجدت ضالتها ببعض أبناء المنطقة من اتباع  مدرسة الفردوسي العنصرية للدعاية لهذه المفاهيم والترويج لها  وبالمقابل الطعن بتاريخ العرب ورموزهم من حملة رسالة الإسلام والتعالي عليهم ونفي أي صفة حضارية عنهم عبر التاريخ بل إظهارهم على أنهم العقبة أمام الحضارة والمعول الهدام لكل فكر متطور  . وكل ذلك من أجل دفع  الشعوب للتعصب والتعنصرضد العرب والتعالي عليهم والحط من شأنهم وتسفيه تاريخهم . واعتبارهم عالة على موائد الشعوب الحضارية وفي المحصلة الانقضاض عليهم والثأر منهم وتدمير كياناتهم والقضاء على وجودهم . بل ذهب بعض  الغلاة بدعوته الى المطالبة بالقضاء على العرب والتخلص منهم بصفتهم وباء حسب تعبيرهم . وانطلاقا من كون هذا الداء والمرض الذي يستهدف  العرب يعد أحد امراض ضعف الدولة العربية وانحطاطها وهو مانراه اليوم  فهذا يؤكد حقيقة مفادها أن ذلك ماهو إلا فوبيا العربي بصفته مادة الرسالة المحمدية وعمودها الفقري والتي أصبح يستعاظ عنها اليوم  بفوبيا الإسلام  وبالتالي  يمكن القول أن الشعوبي الكاره للعرب هو حتما كاره للإسلام.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس