علي أصلان - The new Turkey - ترجمة وتحرير ترك برس

أقامت أحزاب المعارضة في تركيا، حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد وحزب الشعوب الديمقراطي، تحالفًا مقدسًا لإسقاط  التحالف الحاكم المكون من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية. بدأ النظام السياسي في تركيا، لا سيما بعد إدخال النظام الرئاسي في نيسان/ أبريل 2017، مرحلة الاستقطاب. ونلاحظ تشابه الدافع الأساسي لهذه التحالفات، وهو الرغبة في السلطة، بيد أن هذه التحالفات تتشكل من خلال إطارين إيديولوجيين مختلفين ومتعارضين على أساس مواقفهما داخل النظام السياسي.

تسعى المعارضة لإبعاد كتلة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية عن السلطة، ومن ثم فهي تتبنى خطاب الحرية الذي يسعى إلى إقناع الناخبين بأن السلطة الحاكمة سلطة قمعية وتقصي أغلبية المجتمع. وعلى النقيض من ذلك، فإن تحالف حزب العدالة والتنمية والحركة القومية الحاكم، يطرح خطاب السلطة من أجل تعزيز قبضته على الحكم. ويسعى هذا الخطاب إلى إقناع الناخبين بأن حكمه شامل للجميع، ويجب أن يستمر من أجل الحفاظ على أمن البلاد ورفاهيتها.

ومن ثم فإن نتيجة التنافس على السلطة، بما في ذلك الانتخابات المحلية المقبلة في 31 آذار/ مارس، بين هاتين الكتلتين السياسيتين، سيحددها عاملان: الأول هو مدى قوة إقناع كل خطاب أو سياسة. وفيما يتعلق بالتحالف الحاكم، سوف ينظر الناخبون ما إذا كانت مصالحهم مرتبطة باستمرار النظام القائم. وإذا شعروا بأن خسارة الكتلة الحاكمة للانتخابات ستؤدي إلى زعزعة استقرار النظام السياسي وتؤدي إلى بيئة غير آمنة، سواء فيما يتعلق بالاقتصاد والمسائل السياسية العسكرية، فإنهم سيميلون إلى التصويت لصالح التحالف الحاكم. وبعبارة أخرى أكثر تحديدا، إذا أقنعت الكتلة الحاكمة الناخبين بأن خسارة السلطة ستؤدي إلى إضعاف الحرب على الإرهاب (حزب العمال الكردستاني، وتنظيم فيتو وداعش)، وتدهور اقتصاد البلاد الذي تراجع في الآونة الأخيرة، فسوف يضمن بذلك الفوز في الانتخابات.

وعلى ذلك فعلى المعارضة أن تقنع الناخبين بأن تغيير السلطة أو استبدال المعارضة بالتحالف الحاكم لن يضر بمكافحة الإرهاب وتحسين اقتصاد البلاد. ويجب عليها إقناع الناخبين بوجود بديل للقوة الحاكمة وأنها هي ذلك البديل.

ويقودنا ذلك إلى العامل الثاني. يجب أن تثبت المعارضة أن التحالف بين الأحزاب السياسية الثلاثة - التي يمكن أن نضم إليه حزب السعادة الإسلامي - يشكل قوة قوية مستقلة  ويمكن الاعتماد عليها لحكم البلاد.

يتشكل تحالف المعارضة من حزبين سياسيين علمانيين قوميين - حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد- وحزب الشعوب الديمقراطية القومي الكردي. على أن التكامل والتنسيق بين حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد ليسا قويين، حيث يميل حزب الشعب الجمهوري نحو اليسار في حين أن الحزب الجيد لديه ميول يمينية. وهذا يخلق اختلافًا كبيرًا في الآراء حول بعض القضايا الحرجة. وقد أوجدت العلاقات بين هذين الحزبين بالفعل جدلا إيديولوجيا خطيرا بين أعضائهما وتسببت في استقالة بعض أعضاء الحزبين، وتحوله إلى التكتل الآخر.

لا تقدم المعارضة برنامجًا اقتصاديًا واضحًا لمواجهة المشكلات الاقتصادية الحالية مثل ارتفاع معدلات التضخم ومعدلات البطالة، فضلاً عن عدم طرح برنامج شامل للتخطيط الحضري.

وإذا أضفنا حزب الشعوب الديمقراطية القومي الكردي، وهو الممثل السياسي لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي، فإن التناقضات الداخلية لكتلة المعارضة تزداد زيادة كبيرة. ولم يقتصر رد الفعل الرافض لهذا التقارب على أعضاء الحزب الجيد اليميني القومي وقاعدته الشعبية فقط، بل أن أعضاء في حزب الشعب الجمهوري اليساري وقاعدته الشعبية أظهروا استياءًا من قرار التحالف مع الحزب القومي الكردي.

وقد أدى إدراج حزب الشعوب الديمقراطية في التحالف إلى تقليص فرص المعارضة فى إضعاف الكتلة الحاكمة في الانتخابات المحلية المقبلة. ومن المرجح أن يرى الناخبون هذا الأمر على أن المعارضة تعرض الحرب على الإرهاب للخطر، ولا سيما الحرب التي تشنها تركيا على وحدات حماية الشعب، الفرع السوري للبي كي كي.

وعلاوة على ذلك، لا تقدم المعارضة برنامجًا اقتصاديًا واضحًا لمواجهة المشكلات الاقتصادية الحالية مثل ارتفاع معدلات التضخم والبطالة، ناهيك عن أن كتلة المعارضة لم تقدم برنامجًا شاملاً للتخطيط الحضري والحكومة في الفترة التي تسبق الانتخابات المحلية. وباختصار، على الرغم من استياء الرأي العام  من السلطة القائمة، يبدو أن المعارضة أخفقت في تقديم نفسها بديلا في الانتخابات.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس