ترك برس

بينما ترأس مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الثاني من مؤتمر دولي في وارسو تهيمن عليه دعوات لزيادة الضغط على إيران، غابت تركيا أحد حلفاء الولايات المتحدة القدامى في حلف شمال الأطلسي، حيث توجه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إلى روسيا للقاء نظيريه الروسي والإيراني لبحث التوصل إلى تسوية نهائية للحرب في سوريا.

وبحسب خبراء ومسؤولين أمريكيين سابقين، فإن غياب تركيا عن قمة وارسو، يعكس انجرافها بعيدا  عن واشنطن، حيث تجد أرضية مشتركة مع موسكو وطهران.

وقال  كولن كلارك ، الباحث في مركز سوافان في نيويورك، لقناة "إن بي سي"، إن الولايات المتحدة تمكنت لعقود من الزمان من الاعتماد على تركيا كشريك موثوق يمكن أن يصطف مع حلفاء آخرين ضد إيران، ويدعم أهداف واشنطن الإستراتيجية. لكن المشهد السياسي  تغير، وصارالنفوذ الأمريكي في المنطقة موضع شك، وبدأت أنقرة تسلك مسارا مستقلا.

وأضاف كلارك: "أعتقد أننا نشهد إعادة ترتيب. لقد انتقلت الولايات المتحدة من موقف موجّه الدّفّة، إلى أننا أصبحنا نقدم اقتراحات بسيطة لتركيا. تلك تغييرات هائلة".

ويرى الخبراء الأمريكيون أن تخطيط إدارة ترامب لسحب القوات الأمريكية من سوريا دفع تركيا إلى ضرورة التوصل لتسوية مع روسيا وإيران لحماية مصالحها في سوريا.

وقال إيلان غولدنبرغ، وهو مسؤول كبير سابق في إدارة أوباما وهو الآن زميل بارز في مركز الأمن الأمريكي الجديد، إن الدول الثلاثة التي اجتمعت في سوتشي برزت بوصفها الأطراف المهيمنة في

ما يبدو أنها المرحلة الأخيرة من الحرب السورية. جاءت روسيا وإيران لمساعدة النظام السوري ونجحا في قلب موجة الصراع لصالح الأسد.

ويشير الدبلوماسيون الأمريكيون إلى أنه على الرغم من هزيمة المعارضة السورية المدعومة من تركيا، فإن روسيا وإيران بحاجة إلى مساعدة تركيا في محافظة إدلب. وتحتاج أنقرة إلى تعاون روسي وإيراني لضمان إبقاء "تنظيم ي ب ك/ ب ي د" تحت السيطرة وتمهيد الطريق أمام عودة اللاجئين السوريين.

وقال أيكان إردمير، الزميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة أمريكية فكرية متشددة: " تدرك تركيا أنها خسرت في سوريا. ووكانت المسألة الكردية دائماً الأولوية القصوى بالنسبة إليها، وهذا يعني أن عليها العمل مع روسيا".

وإلى جانب تحول تركيا إلى التعاون مع روسيا وإيران في سوريا، ثمة نقطة أخرى تشعل الخلاف بين واشنطن وأنقرة، إذ يرى الرئيس التركي أن روسيا مصدر بديل مهم للأسلحة. وتجاهلت أنقرة تحذيرات من إدارتين أمريكيتين متتاليتين من شراء نظام صواريخ أس -400 الروسي الصنع ويقول مسؤولون أتراك انهم يخططون لإنهاء عملية الشراء في وقت لاحق من هذا العام.

ويقول الخبراء الأمريكيون إن تركيا ليست وحدها التي تسعى إلى صداقة روسيا، حيث يتطلع شركاء آخرون للولايات المتحدة في الشرق الأوسط - بما في ذلك مصر والعراق ولبنان والإمارات - إلى موسكو لملئ الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة، حيث إن موسكو تعرض بيع الطاقة وصفقات للسلاح.

ومن المواقف التركية التي تبتعد عن الولايات المتحدة، معارضتها لتشدد إدارة ترامب مع  إيران، إذ هدد الرئيس أردوغان بتحدي العقوبات الأمريكية التي أعيد فرضها على طهران، واصفا إياها بالسياسة الإمبريالية.

وأخيرا يأتي الموقف التركي المعارض للمساعي الأمريكية لإسقاط حكم الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، حيث رفضت دعم العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة على فنزويلا وانتقدت جهود واشنطن للاعتراف بزعيم المعارضة خوان غوايدو. وبعد شهر من منح إدارة ترامب إعفاء لأنقرة للسماح لها بمواصلة استيراد النفط الإيراني، زار الرئيس أردوغان فنزويلا في كانون الأول/ ديسمبر لتقديم دعمه لنظام الرئيس مادورو.

وقال إيريك إيدلمان السفير أمريكي السابق في تركيا، ويعمل الآن في مركز الدراسات الاستراتيجية وتقييم الميزانيات في واشنطن: "هذا أمر غير عادي. من المستحيل تخيل أن يقدم أي زعيم تركي في الماضي على عمل ذلك".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!