ترك برس

نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسية تقريرا عن تعزيز تركيا لوجودها في القارة الأفريقية في جميع المجالات بما فيها التجارة والدفاع والتعاون، وهو الأمر الذي يثير قلق مصر وبعض الدول الخليجية.

ويذكر التقرير أن توسع تركيا في أفريقيا بدأ قبل خمسة عشر عاما، ولا يقتصر على بناء المساجد فقط، فخلال تلك المدة ارتفع التبادل التجاري من 100 مليون دولار إلى 20 مليار دولار في عام 2018، مدفوعة بالطلب على السلع الاستهلاكية للطبقات الوسطى الأفريقية الجديدة وشهية تركيا للمواد الخام.

وقال أحمد سيدات أيبار، الأستاذ بجامعة أيدين في إسطنبول: "لقد أصبحت مصالح تركيا في إفريقيا استراتيجية، كما جعل الاتحاد الأفريقي من تركيا شريكا استراتيجيا. لا يمكن لتركيا في هذه المرحلة من تطورها أن تتجاهل الفرص والمزايا التي تقدمها القارة".

وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا على الرغم من أنها اقل قوة اقتصادية من الصين وفرنسا، فقد بدأت تظهر ببطء باعتبارها لاعباً رئيسياً في القارة. وقد فازت بعض شركاتها بعقود كبيرة، مثل إدارة مطار داكار الدولي. كما تقوم الحكومة التركية بالحشد من أجل الاستثمار في الزراعة، وإنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم.

وأضافت أن الدليل على أن الاستثمار التركي في أفريقيا ليس مدفوعا بدوافع المصلحة وحدها، أن أنقرة تعقد بانتظام مؤتمرات قمة أفريقية تركية، على غرار تلك التي تعقدها  فرنسا أو الصين.

ويقول برهان الدين دوران، المنسق العام لمؤسسة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا)، إن تحول تركيا إلى إفريقيا هو جزء من تحول البلاد إلى قوة جديدة. ولذلك فإن انتقاد أنقرة للاستعمار ونشاطها من أجل التعاون العادل في أفريقيا، حيث تتنافس مع الولايات المتحدة والصين والدول الأوروبية، ليس مجرد خطوة تكتيكية بل خطوة نحو هوية جديدة."

بدوره رأى سنان أولغان رئيس مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسة الخارجية في إسطنبول، أن "تركيا اقل عدوانية بكثير من الصين من وجهة نظر اقتصادية، حيث يساعد التبادل التجاري مع بعض الدول، مثل السودان والصومال على تعزيز اقتصاداتها. وهذا بدوره يساعد تركيا على تقوية مكانتها على مستوى العالم".

ولفتت الصحيفة إلى أن تركيا تنظر إلى نفسها بوصفها وجهة  للدول الإسلامية، فهي تتبنى مقاربة دينية أقل تشددا من الوهابية السعودية من ناحية، وتمول ببناء المساجد والمدارس القرآنية من خلال هيئة الشؤون الدينية، وتقدم منحا دراسية لدراسة الشريعة والعلوم الإسلامية في تركيا.

وعلاوة على ذلك تنشط وكالة التعاون والتسيق التركية "تيكا" وهيئة الإغاثة الإنسانية التركية في الصومال، حيث استثمرت تركيا بشكل كبير، وأعادت بناء مطار مقديشو وأقامت مدارس ومستشفيات وقدمت التدريب للجيش الصومالي.

لكن هذا الاستثمار، كما تقول الصجيفة، يثير قلق بعض الدول الإقليمية، لاسيما بعد أن حصلت تركيا من السودان على حق إدارة وترميم جزيرة سواكن الواقعة على البحر الأحمر والمقابلة لميناء جدة السعودي.

وأضافت أن مصر والإمارات والسعودية التي تعتبر البحر الأحمر خاصا بها تخشى أن يرسخ خصومهم الأتراك والقطريون وجودهم العسكري هناك. كما تشعر الرياض بالقلق من الوجود التركي في إفريقيا، حيث تستثمر أيضا في القارة.

ويقول مارك لافيرن، الباحث المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، "إن تركيا ليس لديها الإمكانيات المالية التي تملكها السعودية والإمارات، لكنها تلعب أوراقها بذكاء، وتستغل أخطاء الآخرين لترسخ وجودها في المنطقة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!