نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

تجري تركيا مفاوضات على مسارين مختلفين مع الولايات المتحدة وروسيا، الفاعلين الكبيرين في الأزمة السورية. 

بينما تناقش أنقرة مسألة شرق الفرات مع واشنطن، تجري مباحثات مع موسكو بخصوص غرب الفرات وإدلب. 

لا يمكن القول إن البلدين يتبنيان الطروح التركية، وإن اختلفت مسوغاتهما في هذا الخصوص. 

بالنظر إلى الخطوات التي يقدم عليها البلدان والمناطق التي يسيطران عليها والتحالفات التي يقيمانها والتصريحات الصادرة عنهما نرى أنهما يعتبران نفسيهما لاعبين حاسمين في سوريا، ولا يريدان تقاسم هذا الدور مع الآخرين. 

ويلوح البلدان للآخرين يأنه إذا كان هناك حل فلا يمكن أن يكون إلا عن طريقهما. هذا الموقف بدأت تتضح معالمه مع توغل النظام السوري بشكل ملموس في غرب الفرات، ومع تقدم الولايات المتحدة في مواجهة داعش شرق الفرات.

قرار ترامب الانسحاب من سوريا طرح مسألتين رئيسيتين، الأولى هي التفاصيل التقنية العسكرية، والثانية تتعلق بالنظام السياسي الذي سيقام عقب الانسحاب. 

يتضح أن القوات الأمريكية لن تنسحب تمامًا، وأن قوة ستبقى في المنطقة وإن بعدد رمزي، وأنها ستتخذ تدابير في الجانب السوري من الحدود. 

ليست الغاية قطع الطريق أمام إيران أو الحيلولة دون عودة تنظيم داعش، وإنما منع تركيا من تنفيذ عملية عسكرية محتملة "لدواعٍ أمنية"، وحماية تنظيم "ب ي د"، وضمان مكان له في السياسة السورية. 

بينما يتواصل هذا الجدل في الولايات المتحدة، نرى تطورات مشابهة في روسيا. فوزير الخارجية سيرغي لافروف قال الأسبوع الماضي إن وجهات نظر بلاده لا تتوافق مع الطروح التركية.

ومع أن لافروف تطرق إلى اتفاقية أضنة التي اقترحها بوتين، إلا أنه أوضح أن روسيا، كما هو الحال بالنسبة لأمريكا، تفهم أمورًا أخرى من المنطقة الآمنة التي تقترحها تركيا. 

وبناء عليه، تقدمت روسيا، كما فعلت واشنطن، باقتراح لإزالة المخاوف الأمنية التركية، دون تجاوز الحدود. 

تقترح واشنطن "قوة حفظ سلام" على الحدود السورية التركية في شرق الفرات، في حين تعرض روسيا نشر "شرطة عسكرية روسية" في غرب الفرات. 

هناك نقطة مشتركة بين واشنطن وموسكو، وهي النظرة إلى "بي كي كي". أوضح لافروف أن روسيا لا تملك رؤية مشتركة مع تركيا بخصوص المجموعات الكردية "الإرهابية". 

بالنتيجة، هناك فارق شاسع بين الولايات المتحدة وروسيا من جهة وتركيا من جهة أخرى بخصوص "بي كي كي". 

قضية أخرى مشتركة بين واشنطن وموسكو وهي أن الوجود التركي في سوريا يثير الانزعاج لدى الولايات المتحدة وروسيا وحتى البلدان المتحالفة معهما، وهما لا تشعران بالحاجة لإخفاء هذا الانزعاج. 

ما ذكرته أعلاه، والتجارب التارخية، وطبيعة النزاع تقول لنا إن خصائص "مشكلة بي كي كي المزمنة" آخذة في التغير. 

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس