ميرا خالد الخضر - خاص ترك برس

قال مؤسس علم النفس الحديث والطبيب النمساوي سيجموند فرويد ذات مرّة للأميرة ماري بونابرت: "إن السؤال الكبير الذي لم تتم الإجابة عنه أبداً، والذي لست قادراً بعد على الإجابة عنه، وعلى الرغم من ثلاثين عاماً من البحث في النفس الأنثوية هو: ما الذي تريده المرأة؟!."

لكننا حاليا نستطيع الجزم أن أهم ماتريده المرأة "التسوق."

قد تتعدد الأسباب من امرأة لأخرى، لكن السؤال الأصعب: لماذا تحب النساء التسوق؟

تشير دراسات حديثة إلى أن فكرة الشراء تراود المرأة كل 60 ثانية، وأن 90 في المئة منهن مصابات بهوس الشراء بمعدلات تزيد عن حاجتهن، ويتحكمن بنحو 65% من الإنفاق للاستهلاكي العالمي أي ما يقدر بـ20 تريليون دولار أمريكي.

ابن بطوطة والمرأة التركية

ابن بطوطة  الرحالة المسلم الأمازيغي المغربي الأصل، والذي عرف بترحاله لأقطار الأرض وعدم خوفه من ركوب الصعاب ومشقات السفر ليكتب عن ثقافات الشعوب وحالات المجتمعات مدونًا في جولاته ملاحظات بدقة متناهية يصف فيها البلدان وأناسها...

وكانت إحدى رحالات ابن بطوطة لبلاد الأتراك في القرن الرابع عشر، أي بداية نشأة الإمبراطورية العثمانية، وقد وصف ابن بطوطة المرأة التركية بميزان الشرع الذي بدا واضحا وجليا في كتاباته، فقدّم لنا صورة دقيقة في إطار اهتمامه بالمرأة بشكل عام، وقدم ملاحظاته الدقيقة الفاحصة فوصف المرأة التركية بالمتحررة وذات الشأن، وأنّ تحررها عكس ما كان في ذلك الزمان والبلدان المجاورة للأتراك وأنّها لا تغطي وجهها، وقد كتب عنها شغفها واهتمامها الكبير بالتسوق والتبضع وخاصة شراء الحلي والمجوهرات، وذكر في كتابه أن النساء التركيات يهتممن كثيرا بالحلي، فيقول في ذلك (كانوا يعرضون الجواهر على نساء الأتراك، وهن يشترينها كثيرا ويتنافسن فيها، وتصنع بها ثياب قطن معلمة بالذهب لا مثل لها، تطول أعمارها لصحة قطنها وقوة غزلها)...

كان هذا الوصف عن المرأة التركية منذ قرابة 600 سنة مضت... وقد أصاب ابن بطوطة بوصفة للمرأة التركية والتي لا تزال على خطى أسلافها بعشقها لتسوق... لتؤثر النساء التركيات على معظم العمليات الشرائية الصغيرة والكبيرة ولتتخذ معظم القرارات الشرائية في منزلها وليس فقط فيما يتعلق بالمنزل كالطعام والمفروشات والملابس والسيارات فحسب، بل تتخطاها إلى اتخاذ القرارات التي تتعدى دورها التقليدي وأصبح لها دورٌ فعال في صنع القرارات المصرفية والصحية والتعليمية وغيرها الكثير. وقد أظهرت الإحصائيات أن النساء يتخذن القرارات النهائية بشراء المنازل بنسبة 90% و65% للسيارات الجديدة، علما أن عدد المركبات للعام المنصرم بتركيا بلغ 21 مليونا و763 ألفا و103 مركبات ولتحتل السيارات الخاصة المرتبة الأولى بنسبة 53.9 بالمئة و30 بمئة منها خاصة بالنساء.

هوس المرأة التركية بالتسوق

الخطاب التسويقي للأنثى يُستغل من باب عاطفتها، فهي تحب أن تسمع من طرف آخر يتحدث عن المنتج بكلام إيجابي، وهذا ما يحفزها للالتفات إليه وتجربته على الأقل إن لم يكن شراؤه، لذا تعين جُلّ  الشركات المتوجّهة للنّساء بتركيا إلى متحدثة من جنس حواء باسم منتجاتها لتصبح هي الناطقة أو سفيرة هذا المنتج للتأثير على المعجبات به من جنسها، وذلك من باب صناعة الإيمان في رأسها أنها ستكون بهذا المنتج أكثر رشاقة، أو أكثر صحة، أو أكثر أماناً أو أكثر جمالاً وأناقة، أما الرجل فهذه الأشياء بالنسبة له خرافات فلا تعرف اختيارات المرأة إلا المرأة، لذلك قد تلاحظ وأنت تجوب جُلّ الأسواق التركية وبالأخص مدينة المآذن إسطنبول من محلات تجارية ومولات أنّ جُلّ المحلات المتوجهة للنّساء مثل محلات الملابس ومستحضرات التجميل والإكسسوارات تديرها فتيات شابات يُساعدن الزبونة في اختيار الأفضل بالنسبة إليها.

كيف ترى المرأة التركية التسوق

تري السيدة التركية سونا غونغوردو أن التسوق نعمة وأنها كلما أحست بالملل تذهب مباشرة للتسوق لتشعر بالسعادة، في حين ترى أخريات أنهن نساء عاملات وقدرتهن الشرائية مناسبة للتبضع في جل المواسم كما أضافوا أن التسوق بحثًا عن الأناقة أبرزُ مُخلّص من القلق والخوف والضجر.

وتقول إحدى الفتيات الجامعيات "سارة ق." إنّه ليس هناك مُتّسع من الوقت عند الشراء للتفكير في الأمور المزعجة ونسيان الضغوطات الدراسية...

وهذا ما أثبتته بعض الدراسات الإحصائية في إحدى الجامعات البريطانية، مؤكدةً أنّ نسبة النساء اللواتي يخرجن للتسوق يتمتعن بلياقة بدنية لأن التسوق يعتبر نوعا من أنواع التمرين الرياضي ويحسن المزاج ويطور الذكاء العقلي ويخفف مستويات الضغط والتوتر، كما أشارت الدراسة إلى وجود ارتباط بين المصابين بهوس الشراء وبين الاكتئاب، حيث وجدت أنّ 30% من عينة من مرضى الاكتئاب لديهم هوس بالشراء.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!