عمار الكاغدي - خاص ترك برس

في تركيا، لا يكاد يمرّ يومٌ، بل لا تكاد تمرّ ساعات معدودة دون أن تطالعنا بعض المواقع الإلكترونيّة العربيّة بأذرعها الأخطبوطيّة من وسائل التّواصل الاجتماعيّ بأخبارها الفاقعة شكلاً، الخاوية مضموناً.

وهي عبارة عن مواقع إعلاميّة أو إخباريّة أو تجاريّة، ربّما جمعت كلّ ما سبق تحت مظلّة موقع هجينٍ واحد مع انعدام الحدّ الأدنى من المؤهِّلات المهنيّة ولو لواحد فقط من المسمّيات آنفة الذّكر.

وسواءٌ أكان الهدف سطحيّاً كجمع الإعجابات، أو مادّيّاً كزيادة عدد المتابعين ومن ثمّ الإعلانات التي تدرّ أرباحاً ماليّة، أم كان الغرض منها بالفعل زعزعة ثقة العرب بتركيا واقتصادها واستقرارها، خصوصاً أنّ فئةً كبيرةً من المستثمرين الأجانب في تركيا على عدّة مستويات استثماريّة هم من العرب.

فإنّ المؤكّد في كلّ الأحوال هو ذلك الأثر التّراكميّ الهدّام على نفسيّة العربيّ المقيم في تركيا، أو المستثمر العربي الذي يدرس أوضاع البلاد من خارج تركيا بغية الاستثمار فيها، ولك أن تتخيّل التصّور المطبوع عن تركيا في ذهن المتلقّي بعد تجرّعه العناوين اليوميّة المكرّرة من قبيل:

- مصيبة كبرى تحلّ بسكّان تركيا.

- خبر عاجل... كارثة في إسطنبول.

- كارثة طبيعيّة تهدّد تركيا.

- اشتباكات بين سوريّين وأتراك.

- جريمة تهزّ إسطنبول.

ولا منطق فيما يحتجّ به البعض من أنّ هذه المواقع تشترك فيما تنشره مع وسائل إعلاميّة تركيّة تُعنى بنشر الجرائم والمصائب بتفاصيلها المُملّة، وذلك لكون الوسائل المُشار إليها تركيّة محلّيّة تخاطب السكّان المحلّيّين على مستوى المدينة أو الولاية، بخلاف من يستهدف بخطابه الأجانب خارج أو داخل تركيا مشكّلاً لديهم تلك الصّورة القاتمة عن تركيا.

أمّا عن القواسم المشتركة التي تجمع هذه الوسائل الإلكترونيّة الصّفراء فهي:

* ناطقة بالعربيّة.

* يشتمل اسم الموقع أو الصّفحة بالضّرورة على كلمة تركيا، غير آبهين بموقع تركيا من الإعراب مرفوعاً بات أم مجروراً!

* تعتمد على العناوين الفضفاضة والمضلّلة.

* شغلها الشّاغل تتبّع أخبار النّكبات والمصائب الفرديّة هنا وهناك، ومن ثمّ إعادة تدوير صياغتها لتصبح كأنّها كوارث شاملة ومصائب عامّة قد حلّتْ بالفعل على تركيا وسكّانها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.

ربّما ليس من الحكمة التّسرّع باللّجوء إلى تحليلات منكّهة بنظريّة المؤامرة فحسب، وذلك بإلصاق هذه المنابر بجهات مموِّلة تهدف بشكلٍ مباشر إلى تقويض استقرار تركيا بنشر الشّائعات المغرضة والمُضلّلة وتعميم الحالات الفرديّة التي لا يكاد بلدٌ حيّ يخلو منها، ولكن مع هذا لا بدّ من وضع حدّ للفضاءات الإعلاميّة الإلكترونيّة الصّفراء التي تنطلق من تركيا على الأقلّ، على اعتبارها تخضع في نهاية المطاف للقانون التّركيّ.

عن الكاتب

عمار الكاغدي

كاتب سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس