بيلكيش كيليتش كايا - The new Turkey - ترجمة وتحرير ترك برس

من الصعب الإيمان في الوقت الحاضر بالعنصرية العلمية، ولم يعد من السهل دعم مثل هذه النظريات كما حدث في الماضي. ووفقًا لدراسة حالة أجراها قبل 5 سنوات مركز Science Po European Studies في فرنسا، فإن 8٪ فقط من الجمهور الفرنسي يؤمنون بالتفوق الأبيض. وعلى النقيض مما كان عليه الأمر في الماضي، لا يقبل المثقفون والسياسيون في الوقت الحاضر فكرة "المهمة الحضارية" التي لا تعدو كونها استعمارا. واليوم ، وبدلًا من العنصرية العلمية التي عفا عليها الزمن، هناك نسخة حديثة من العنصرية التي لديها القدرة على أن تحظى بدعم الطيف السياسي بأكمله تقريبًا.

يطلق على هذه العنصرية المعاصرة اسم "العنصرية الثقافية" التي تقوم على تهميش المجموعات والثقافات التي تختلف عن الثقافة السائدة. وقد يطلق البعض على هذه "العنصرية الجديدة"، بيد أنه حتى في أثناء عصر العنصرية العلمية، كان من الشائع اقتراح التعرف على مجموعات أخرى وتحضيرها عبر التلقين. وكانت تلك رؤية عملية حيث إن من السهل بناء الخطاب على أساسها. هذا النهج لا يصنف الآخر بشكل مباشر على أنه متفوق أو حقير، لكنه يهاجم أنماط الحياة البديلة التي يواجهها المجتمع بشعارات مثل "هذه الأرض ملكنا، ولذلك تسود قيمنا هنا". تتبنى الجبهة الوطنية شعار "فرنسا تنتمي إلى الفرنسيين،" بينما تدعو جماعات يمينية ويسارية إلى عدم منح الآخرين المواطنة إلا إذا تم استيعابهم في الثقافة السائدة.

الهدف الرئيسي لمثل هذه الهجمات في الوقت الحالي ليسوا اليهود، كما كان الحال قبل نحو 70 عامًا. يستخدم الغرب الآن، بكل ما يحمله من عار الهولوكوست، كل الوسائل لجذب المجتمع اليهودي. ارتدى رئيس الوزراء الفرنسي السابق مانويل فالس المعروف بعدائه للإسلام، القبعة اليهودية لخلق انطباع إيجابي بين اليهود. ومن ناحية أخرى، يتم التغاضي عن العنصرية الثقافية ضد المسلمين وما يتصل بذلك من تمييز ضدهم. وعلاوة على ذلك، فإن الإسلاموفوبيا واضحة تمامًا في أوساط الطبقات العليا، خاصة بين سلطات الدولة والمثقفين؛ حيث إنهم يقيدون حرية المسلمين بإعلانات أو ممارسات شفهية أو مكتوبة مزينة بالبلاغة الكلامية من قبيل العلمانية أو المساواة بين الجنسين أو القيم الجمهورية.

ونظرا لأن الرجال ليسوا ملزمين بارتداء الحجاب في الإسلام، فإن النساء المسلمات يشكلن أول مجموعة مستهدفة. وقبل عامين ألقي القبض على نساء يرتدين البرقع على شاطئ في فرنسا. وفي حادثة أخرى، ذكر وزيران أنهما صُدما عندما رأوا شابة كانت زعيمة اتحاد طلابية، ترتدي الحجاب. وفي حادثة أخرى تعكس هذه النظرة الاستبدادية تجاه المسلمين في الآونة الأخيرة، بدت الدولة في حالة ثورة بسبب حجاب رياضي أطلقته شركة ديكاثلون. وعندما أطلقت الشركة الحجاب للنساء المغربيات المشاركات في الألعاب الرياضية الفرنسية، ووجهت برد فعل كبير، فقررت وقف إنتاجه.

وجاء في بيان الشركة: "لقد تم إهانة فرق متجرنا وتهديدهها جسديًا في بعض الأحيان. منذ صباح هذا اليوم، نواجه موجة غير مسبوقة من الإهانات". والأكثر خطورة أن هذا الخوف لم تغذه مارين لوبين وميليشيات حزبها، بل أورورو بيرجيه المتحدثة باسم حزب الرئيس ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" التي كانت من بين الأسماء الأولى التي أصدرت رد فعل معارض للحجاب. وقالت بيرجيه: "يجب مقاطعة العلامة التجارية. إن خياري كامرأة ومواطنة أنه لم تعد هناك ثقة في علامة تجارية تتعارض مع قيمنا"، مضيفة أنهم يتهمون بالعنصرية وكراهية الإسلام عندما يعبرون عن آرائهم، كما في حالة البرقع.

زاد المنحازون إلى موقف بيرجيه من اشتعال الموقف بقولهم إن حديثها لا يمكن أن يكون عنصريًا لأنه لا يوجد سباق يقام بالحجاب، كما دعت رئيسة المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي فاليري رابولو إلى مقاطعة العلامة التجارية، بينما قالت وزيرة الدولة الفرنسية للمساواة بين الجنسين مارلين شيابا إن المنتج هو ترويج للإسلام السياسي ويثبت أن الدين يسيطر على كل شيء. وادعت المتحدثة باسم الحزب الجمهوري ليديا غيروس أن العلامة التجارية تخضع للإسلاموية التي تؤكد خضوع المرأة، في حين قال بعض أعضاء البرلمان إن الحجاب الرياضي ترويج للفصل العنصري الجنسي.

إن مقالات وتصريحات السياسي التي تبدأ بكلمة "قيمنا" تعني أن حضارتهم وقيمهم مطلقة ومتفوقة، لذلك يتعين على الآخر أن يخضع لهم. يصرخون: "لا نريد أن نراكم في أي مجال من مجالات الحياة، بما في ذلك التعليم والحياة المهنية والرياضة والفنون. لا نريد حتى أن نراكم على أبواب المدارس في انتظار أطفالكم. يجب أن تخافوا".

تنتاب المسلمين الفرنسيين حالة من الخوف في الوقت الحالي، إذا لا يكف السياسيون والمثقفون ووسائل الإعلام عن الحديث عنهم. هذه الظاهرة هي للأسف مثال للعنصرية الثقافية التي يخجل منها كثيرمن الفرنسيين، ولكن أصواتهم لا تسمع في خضم الفوضى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مواضيع أخرى للكاتب

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس