ترك برس

اعتبرت صحيفة الغارديان أن نتائج الانتخابات المحلية التركية وخسارة حزب العدالة والتنمية في المدن الكبرى تثبت أن الديمقراطية التركية ما تزال مرنة وحيوية، وأنها الفائز الأكبر في هذه الانتخابات.

وفي مقال بالصحيفة، قال الباحث السياسي سينان أولغن، إن خسارة حزب الرئيس أردوغان لمقعد رئيس بلدية إسطنبول مليئة بالرمزية، نظرًا لأن المدينة ارتبطت بصعود أردوغان إلى قمة السلطة السياسية في تركيا.

ووفقا لأولغان فإن هناك تفسيرين لفوز المعارضة وخسارة أردوغان وحركتة السياسية في إسطنبول، بعد أن تمكنا من تعزيز سلطتهما لمدة طويلة.

التفسير الأول يتعلق بحالة الاقتصاد التركي الذي أثبت من نواح كثيرة أنه أفضل صديق لديمقراطية تركيا.

وأوضح الباحث أن الانتخابات أجريت في ظل ركود اقتصادي هو الأول في البلاد منذ عقد. وبدأت الأسر تعاني من تأثير أزمة العملة في الصيف الماضي التي أدت إلى ارتفاع التضخم وتآكل مستويات المعيشة. وأدى التباطؤ الاقتصادي إلى تباطؤ فرص العمل، حيث ارتفعت البطالة العامة إلى 14٪ في تشرين الثاني/ نوفمبر والبطالة بين الشباب إلى 24٪.

وأضاف أن تركيا، على النقيض من الأنظمة الاستبدادية، ليست دولة ريعية يمكنها الاعتماد على عائدات السلع الأساسية لشراء الولاء السياسي لمواطنيها. ولذلك يتعين على الحكومات التركية أن تهيئ الظروف لاقتصاد سوقي يعمل بشكل جيد ومستقر من أجل تلبية تطلعات الناخبين.

أما التفسير الثاني لفوز المعارضة، كما يقول أولغن، فيتعلق بالتغيير الجذري في أداء المعارضة التركية الذي كان محل استهجان لمدة طويلة، حيث تمكنت في هذه الانتخابات من التفوق على أردوغان وحزبه.

وبيّن أن أداء تحالف حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد كان أفضل من التحالف الحكومي فيما يتعلق بسلوك التصويت. ففي الأماكن التي كان يوجد فيها مرشح مشترك بخلفية حزب الشعب الجمهوري، صوت ناخبو الحزب الجيد بالجملة لصالح حزب الشعب الجمهوري، والعكس. وفي المقابل انقسمت الكتلة الانتخابية لحزب الحركة القومية في دعمها لمرشحي حزب العدالة والتنمية، وخاصة في المناطق الحضرية في غرب تركيا.

والأهم من ذلك أن المعارضة اختارت مرشحين في كل أنقرة وإسطنبول كانوا قادرين على تجاوز الكتلة الانتخابية الطبيعية لحزبهم. ففي ولاية أنقرة حصل منصور يافاش على غالبية أصوات القوميين، وفي إسطنبول تمكن أكرم إمام أوغلو من الحصول على حصة من الأصوات المحافظة.

وأشار أولغن إلى أن فوز المعارضة في هذه الانتخابات المحلية سيكون له عواقب كبيرة، لكن يجب وضع هذا الفوز في السياق الصحيح.

وأوضح  أنه على الرغم من هذه الخسارة، يظل أردوغان وحزب العدالة والتنمية القوة المسيطرة في السياسة التركية، حيث حصل تحالف الشعب على 51٪ من الأصوات .لكن الانتصار في هذه الانتخابات البلدية سيشجع المعارضة السياسية، حيث ستستفيد من السيطرة على الإدارات المحلية في قلب تركيا الاقتصادي.

ورأى أن التحدي المباشر الذي يواجه المعارضة التي تسيطر على مدن تنتج 65٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، يتمثل في مطابقة معايير أداء الخدمات التي حققتها الحكومات المحلية لحزب العدالة والتنمية على مدى العقود الماضية والتفوق عليها.

وأضاف أن المعارضة ستحتاج إلى تعزيز تحالفها على المستوى الوطني، وهو الأمر الذي سيتم تيسيره من خلال نموذج أكثر شمولًا للحكم المحلي بما في ذلك سياسات التوظيف القائمة على الجدارة، وليس على الأيديولوجية.

أما بالنسبة إلى الرئيس أردوغان، فسيكون التحدي الذي يواجهه هو التغلب على صورة الضعف التي لحقت بحزبه في أعقاب خسارة انتخابية كبيرة. وسيتوجه اهتمامه الفوري إلى الاقتصاد؛ لأن ثروته السياسية ستعتمد على مدى سرعة عودة تركيا إلى طريق النمو المستدام.

وخلص أولغن إلى أن الانتخابات المحلية أظهرت أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية لا يزالان عرضة للتقلبات الاقتصادية والسياسية، مثلما يحدث  في الديمقراطية الطبيعية. ولذلك كان الفائز في الانتخابات هو صورة نظام الحكم في تركيا في الداخل والخارج على السواء. وأثبتت الديمقراطية التركية مرونتها وحيوتها رغم مشاكلها الكبيرة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!