ترك برس

شارت شبكة الجزيرة القطرية في رصد لحظات الوداع التاريخية التي شهدها مطار "أتاتورك" الدولي في الأيام الأخيرة قبيل الانتقال الشامل إلى مطار "إسطنبول" الجديد الذي افتتح مؤخرًا وسيكون الأكبر في العالم.

ورصدت الجزيرة الشاب أنور أوزونجو، وهو يسابق الزمن مع رفاقه لنقل مقتنيات المكتب الذي يعملون فيه من مطار أتاتورك إلى مطار إسطنبول الجديد، "فلم يعد أمام المطار الأول سوى بضع ساعات قبل الإغلاق".

بدأ أوزونجو العمل قبل سبع سنوات في أحد مكاتب الخطوط الجوية التركية التي ظلت تتخذ من مطار إسطنبول مربضا لها منذ تأسيسه في العام 1953، وهي مدة كانت كافية لتجعل من المطار وصالاته بيته الثاني.

ومنذ بدئه العمل في المطار الذي حمل اسم "أتاتورك" عام 1980، ترك أوزونجو الحي الذي كان يقطنه بجوار عائلته في منطقة السلطان أيوب، ليسكن بيتا جديدا مع زوجته وطفليه في منطقة بكر كوي القريبة من المطار.

ويقول أوزونجو إنه يشعر بالحزن لترك المكان الذي أمضى فيه سنوات طويلة من العمل، لكنه يبدي تفاؤلا بأن يحسّن مستوى المطار الجديد من دخل بلاده من العملة الصعبة.

سألته الجزيرة، وهو يهب لإكمال عمله مع زملائه في نقل عتاد مكتبهم، عما إذا كان سينتقل مع عائلته للسكن في منطقة المطار الجديد، فهز رأسه مجيبا "تبيكي -أي طبعا- فلست بحاجة لقضاء ساعات كل يوم في زحام الطريق".

وقالت الجزيرة إنها تجولت في آخر أيام عمل المطار، في صالاته وردهاته ومرافقه التي يحفظها سكان إسطنبول وضيوفهم عن ظهر قلب.

فكما جرت العادة في أغلب أيام السنة، كانت صالة الوافدين تزدحم بالواصلين للمطار من أرجاء العالم لمقابلة من كان ينتظرهم في الصالة، في حين اصطف المئات في طوابير بانتظار الحافلات ومركبات النقل التي يستقلونها قبل أن يذوبوا وسط الملايين في أرجاء المدينة العملاقة.

أما داخل المطار، فبدا كل شيء مختلفا عند التوجه إلى طابق المغادرين، فقد خلت مواقع إصدار تذاكر الصعود للطائرات من زوارها ومن ممثلي شركات السفر.

وأزال المستثمرون نقاط البيع الخاصة بالعلامات العالمية التي كان يعج بها المطار، وخلت المطاعم ومحال تبديل العملة وتأجير السيارات وأجهزة الاتصال والاستراحات من النزلاء إلا قليلا من الموظفين.

وفي مشهد نادر الحدوث، بدا الممر الموصل إلى ضباط ختم الجوازات للمغادرين فارغا، وكذلك غرف شركات السفر المختلفة التي كانت تمثل نقاط بيع مركزية لتذاكر السفر في إسطنبول.

وكانت السلطات التركية قد وجهت الخميس تنبيها هاما لسكان مدينة إسطنبول بأنها ستغلق ابتداء من ظهر الجمعة بعض الشوارع والمفارق الرئيسية التي تصل بين مطار أتاتورك ومطار إسطنبول الجديد لمدة 45 ساعة، وذلك بسبب أعمال نقل المعدات بين المطارين.

وأرجعت وزارة المواصلات التركية سبب الإغلاق إلى تسهيل عملية النقل التي تشارك فيها خمسة آلاف شاحنة تم تخصيصها لنقل المعدات من المطار القديم إلى المطار الجديد.

ويبلغ وزن هذه المواد المنقولة 47 ألفا و355 طنا، في حين ستنتقل 200 طائرة إلى المطار الجديد جوا.

ورغم توضيح الكثير من البيانات عن عملية نقل المطار وحجمها واهتمام وسائل الإعلام الاستثنائي بها، فإن كثيرا من الأمور المتعلقة بهذا الانتقال ما زالت برسم الإجابة.

فمطار أتاتورك لم يكن مجرد مدرج لهبوط الطائرات وإقلاعها، ولا صالات لاستقبال الوافدين ووداع المغادرين، بل كان يمثل أحد طرفي خط قطار مترو الأنفاق المعروف باسم "أم 1" والذي يوصل من المطار إلى محطة "يني كابي" التي تمثل أحد أهم مراكز نقل الركاب في إسطنبول.

ومنذ إنشائه قبل أكثر من 60 عاما، تأسست في محيط المطار العديد من المنشآت والمراكز الاستثمارية الكبرى مثل أرض المعارض الدولية ومركز التجارة الدولي التركي، الذي يقصده آلاف الزوار سنويا للمشاركة في المعارض والمناسبات الدولية العملاقة التي يحتضنها.

كما أقيمت في محيط المطار العشرات من المراكز الإعلامية، ومستودعات البريد ومراكز التسوق والمولات الضخمة والشركات العملاقة التركية والدولية وعشرات الفنادق التي ظلت تحصل موازناتها التشغيلية من الوافدين ونزلاء الترانزيت.

وكانت السلطات التركية قد أعلنت أن المطار الذي سيتوقف رسميا عن العمل اليوم السبت، سيتحول إلى أرض للمعارض، ليحل مكانه مطار إسطنبول الذي افتتحه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!