ترك برس

شهدت الانتخابات المحلية الأخيرة في تركيا، تنافساً كبيراً بين الأحزاب السياسية، حازت على تغطية إعلامية واسعة محليا ودوليا، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن أسباب هذا التنافس وصلاحيات البلديات وحجم سلطاتها في البلاد.

ويرى البعض أن سبب التنافس الكبير على الفوز برئاسة البلديات، يعود إلى ما تتمتع به البلديات بشكل عام، وبلديات المدن الكبرى بشكل خاص، من صلاحيات وحجم سلطات يجعل منها حجر أساس ومفتاح السلطة وسلماً للصعود إلى حكم البلاد.

ويرجع مراقبون أيضاً سر التنافس على الفوز بالبلدياتـ إلى ما تتمتع به المجالس البلدية من سلطات مقارنة بمختلف مراكز القوى الأخرى بالدولة، ودورها في رسم خارطة الشخصيات السياسية والحزبية.

وتشير النتائج غير الرسمية للانتخابات المحلية في تركيا، الى تقدم مرشح "حزب الشعب الجمهوري"، أكرم إمام أوغلو، على منافسه من "حزب العدالة والتنمية"، بن علي يلدريم، لرئاسة بلدية إسطنبول.

وأظهرت النتائج غير الرسمية أيضا، فوز "تحالف الشعب" الذي شكّله "حزب العدالة والتنمية" مع "حزب الحركة القومية"، بفارق ملحوظ يتمثل بنسبة 51.74 بالمئة من أصوات الناخبين في انتخابات الأحد.

في حين فاز "تحالف الأمة"، الذي يضم حزب "الشعب الجمهوري" وحزب "إيي" المعارضين، بنسبة 37.64 بالمئة من الأصوات.

وفي هذا الإطار، قال الخبير القانوني التركي ومدير شركة امجه للاستشارات القانونية في إسطنبول مصطفى غوفينتش إن البلديات في تركيا هي حجر الأساس ومفتاح السلطة حيث يحق للمواطنين الأتراك فوق سن 18 عاما الانتخاب المباشر، كل بحسب البلدية التي يقطن أو يعمل فيها، بحسب تقرير لشبكة الجزيرة الإخبارية.

وأضاف غوفينتش أن "مدة الدورة الانتخابية في البلديات خمس سنوات، وخلال هذه المدة تكون لإدارة البلديات استقلالية عن الحكومة، فلكل بلدية دوائرها وجمعياتها غير الربحية ومنظمات المجتمع المدني التي تحت إشرافها".

ولفت المتحدث إلى أن صلاحيات رئيس البلدية الكبرى مستقلة عن صلاحيات الوزراء في الحكومة لكن مطلوب منه أن يتعاون في تنفيذ السياسة العامة للدولة.

ومن المفارقة أنه في البلديات الكبرى التي فاز برئاستها حزب الشعب الجمهوري المعارض، فاز في البلديات الصغرى التابعة لها حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وعن آلية اتخاذ القرارات وتداخل العمل بين الكبرى والصغرى التابعة لها، أوضح الخبير القانوني غوفينتش أن رئيس البلدية الكبرى في تركيا لا يستطيع أن يتفرد بالقرارات بل عليه الرجوع للمجلس البلدي المكون من رؤساء البلديات الصغرى وأعضاء آخرين، لذلك سيواجه رؤساء البلديات الكبرى الفائزون من حزب الشعب صعوبات وعوائق كبيرة في مهامهم ربما تؤدي في لحظة ما إلى الاستقالة.

وأضاف أن "الرقابة العدلية تختص فقط بمراقبة المصاريف المالية للبلديات، مما يجعل البلديات على تماس مباشر مع الشعب من خلال قيامها بأدوار خدمية وتنموية تُعنى باحتياجات المواطنين من صحة وتعليم وسكن وما شابه ذلك".

وأكد الخبير القانوني التركي أن رئيس البلدية المنتخب يستطيع من خلال صلاحياته ربط الشعب مع حزبه مما يقوي وضع الحزب السياسي والسلطوي في الانتخابات البرلمانية لاحقا، ضاربا المثال على تمكن نجم الدين أربكان زعيم حزب الرفاه قبل حله من حصد قاعدة شعبية من البلديات مكّنته من تعديل الدستور.

ويوجد في تركيا 81 بلدية بعدد مقاطعاتها، و1397 بلدية تابعة للبلديات الأم موزعة على المدن والمناطق والأحياء التركية.

ووفق مراقبين، فقد شرعت الحكومة التركية في السنوات الأخيرة بإجراء إصلاحات للإدارات المحلية، بهدف تعزيز الديمقراطية المحلية، وإعادة تقسيم المهام بين الإدارات المركزية والمحلية من جديد، وإعادة تعريف الإدارة المحلية باعتبارها كيانا مستقلا إداريا وماليا.

ومن بين الإصلاحات أيضا العمل على تقديم الخدمات المحلية للمواطنين في أقرب مكان لهم عبر مبدأ اللامركزية في تقديم الخدمة، ونتيجة لهذه الإصلاحات باتت الإدارات المحلية أكثر قوة من حيث الاستقلال الإداري والمادي، وتحققت إمكانية قيام البلديات والإدارات الخاصة في المحافظات بمهامها بشكل أكثر نفعا وتأثيرا.

وحسب المادة 127 من الدستور التركي، تنقسم الإدارات المحلية إلى ثلاثة نماذج هي إدارات المحافظات والبلديات والقرى. وقد سهل ذلك حركة التمدن والتطور العمراني والاقتصادي الذي شهدته البلاد في السنوات الأخيرة.

وبحسب القانون التركي رقم 533 الصادر في يوليو/تموز 2005، فإن البلدية هي مؤسسة تقوم على الخدمات التي ينتفع منها المواطنون عموما، وينتخب رئيسها من قبل الناخبين، وتملك ميزانية وإدارة منفصلة، وتتكون من مجلس بلدي ومجلس استشاري ورئيس بلدية.

وجاء تعريف البلدية الكبرى في قانون 2004، بأنها مؤسسة تتكون في المناطق التي يتجاوز عدد السكان فيها 750 ألف نسمة، وتقع ضمن حدود المحافظة.

وتتولى البلدية الكبرى التنسيق والإدارة بين البلديات، وتقوم بالوظائف والمسؤوليات المبينة في القوانين بميزانية وإدارة منفصلتين، وينتخب رئيسها من قبل المواطنين، وتتكون من مجلس البلدية الكبرى ومجلس البلدية الكبرى الاستشاري ورئيس البلدية الكبرى.

وبموجب قانون البلديات الكبرى رقم 5216، تتمتع إدارة البلديات بالاستقلالية الإدارية والمالية، وذلك في إطار مبدأ "اللامركزية في تقديم الخدمة".

وتعتبر حدود البلديات الكبرى وفقا لعدد سكانها، وفي إطار هذا القانون أيضا تم السماح لبلديات المدن الكبرى بعمل رقابة على خطط بلديات الأحياء، وانتهى بذلك الخلط في المهام والسلطات بين بلديات المدن الكبرى، وبلديات الأحياء الكبرى.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!