محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

ليس من الصعب فهم تصرفات المعارضة التركية تجاه العملية التي قامت بها تركيا لنقل ضريح سليمان شاه، لأن تلك التصرفات نتاج طبيعي لمعارضة لم تستطع حتى الآن ممارسة السياسة بصورة صحيحة، ولم تقدم أي مشاريع انتخابية برغم قرب موعد الانتخابات العامة، لذلك فإنّ المعارضة التركية لا تعطينا أملا نحو وضع تركيا اليوم ومستقبلها القادم.

وهذه الحقيقة أيضا تنطبق على التنظيم الموازي الذي كان أداة لدى مشغليه في الخارج، والذي قام بكل أعمال قذرة من أجل التأثير على الانتخابات السابقة، ولنفس الهدف يستخدم التنظيم كل شيء ممكن، وهذا ما عشناه وفهمناه خلال العامين الماضيين.

والآن تبقى للانتخابات 3 أشهر، لهذا يسعون لفعل أي شيء من أجل إلحاق الهزيمة بحزب العدالة والتنمية، وهو ما يتحقق –بالنسبة لهم- عن طريق أنْ يحصل الحزب على نسبة تقل عن 40%، وكانت عملية ضريح سليمان شاه فرصة جيدة للعمل على ذلك.

ألم يكن هناك محاولات عديدة لإسقاط تركيا في وحل الحرب ضد داعش؟ فخطف داعش لقنصليتنا في الموصل، وكذلك أحداث إربيل وكوباني كانت فخا مُحكما لإسقاط تركيا فيه.

كان الهدف من هذه الهجمات هو التأثير على تركيا، وأكثر دولة ضررت مما جرى هي تركيا، برغم أنهم كانوا في نفس الوقت يحاولون نشر دعاية للعالم بأنّ تركيا تدعم داعش وتدعم الارهاب.

فقد 50 مواطنا منا حياته في أحداث الاحتجاجات على ما جرى في كوباني خلال اليومين 6-7 اكتوبر الماضي ، وخلال الأيام الأخيرة كانت تسعى داعش إلى السيطرة على ضريح سليمان شاه لتأخذ ما يُقارب 40 عسكريا من جنودنا رهائن، وحينها ماذا سيكون رد تركيا؟ بكل تأكيد ستدخل الأراضي السورية لتحارب داعش ولتصبح جزءا من الحرب، هذه الحرب التي يُراد من خلالها إعادة تشكيل ورسم المنطقة.

هذا ما كانت تطمح إليه القوى الخارجية وبعض القوى الداخلية، من أجل إدخال تركيا في حرب مع منظمة إرهابية داخل سوريا، والتي تمارس أعمالا وحشية دون مراعاة أي قواعد أو حقوق، والأكثر من ذلك أنّ مثل هذا الحرب ستكون حجة للدكتاتور بشار الأسد، من أجل الإيقاع بتركيا، وبكل تأكيد سيكون هناك دور هام للتنظيم الموازي بعد ذلك، من خلال القيام بحملة كبيرة وضخمة ضد ما يجري.

ما نفهمه من كل ذلك أنهم كانوا يريدون إيقاع تركيا في فخ متعدد الاتجاهات قبيل الانتخابات المقبلة، وتركيا فهمت وأدركت وجود هذا الفخ، وقامت بعملية شاه فرات من أجل إحباط ذلك، والانتصار في الحروب لا يتم فقط عن طريق القتال فعليا.

وهنا لنترك الحديث إلى الخبير العسكري الصيني "سون تزو" الذي يقول في كتابه "فن الحرب" بالحرف الواحد:

"النصر العظيم ليس من خلال الانتصار المباشر في الحرب، وإنما من خلال كسر قدرة العدو قبل البدء بالحرب ... فالأذكياء ينتصرون قبل بدء الحرب، والجاهلون يجبرون على خوض غمار الحرب من أجل أنْ ينتصروا".

علينا التصرف بذكاء مع الأمور التي تجري حولنا، وتركيا رأت خطرا قادما إليها من تلك الجهة، لذلك تصرفت بذكاء وقامت بنقل ضريح سليمان شاه.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس