ترك برس

عندما فر رجل الأعمال الأفغاني، حاجي يعقوب برهان من العنف في بلاده قبل 30 عامًا، أخذ معه عائلته وجميع أمواله، وتوجّه إلى المملكة العربية السعودية، حيث افتتح هناك مطعمًا. ولكن نظرا لأنه لاجئ، واجه أطفاله صعوبة في الالتحاق بالمدرسة، فانتقل للعيش في دولة الإمارات، ولكن تكاليف المعيشة الباهظة في دبي كانت أكبر من قدرته. ولذلك انتقل إلى تركيا  قبل عامين وافتتح مطعمًا في حي إسنيورت بإسطنبول، مستفيدًا من بيئة الأعمال المفتوحة للاجئين في البلاد.

وقال برهان (52 عاما) لوكالة فرانس برس: "استثمرت قرابة 120 الف دولار (107 الاف يورو) في هذا المطعم حتى الان. لدي 15 شخصًا يعملون في هذا المطعم، أفغان وإيرانيون وأتراك. أكثر من 60 في المئة من عملائنا أفغان يعيشون في تركيا، والباقون عرب وإيرانيون وأتراك".

وتذكر الوكالة الفرنسية أن رجال الأعمال الأفغان اللاجئين يجدون نجاحًا متزايدًا في تركيا، حيث يجلبون إلى الاقتصاد المحلي ليس مدخراتهم  فحسب، ولكن الدراية المطلوبة، سواء في المطاعم أو التجارة أو الحرف اليدوية المتخصصة.

وفي المقابل  تقدم تركيا للاجئين إجراءات إدارية مبسطة لإنشاء مشروع تجاري جديد.

ووفقا لأرقام منظمة العفو الدولية التي صدرت العام الماضي، تضيّف تركيا ما يقرب من أربعة ملايين لاجئ يشكل السوريون الجانب الأكبر منهم، في حين يبلغ عدد اللاجئين الأفغان ما يزيد عن 145.000 لاجئ.

ينظر البعض في تركيا إلى اللاجئين على أنهم عبء على اقتصاد البلاد، لكن الصورة تبدو مختلفة في منطقة إسنيورت الصاخبة بإسطنبول، حيث قام اللاجئون من أمثال برهان باستثمار كبير في الاقتصاد التركي.

الاستثمار للحصول على الجنسية

عدلت تركيا شروط منح جنسيتها للأجانب من خلال الاستثمار العقاري والتشغيلي وعبر الودائع المالية في البنوك التركية. ولجذب المزيد من الاستثمار أصبحت الجنسية التركية في متناول من يشتري عقارا بقيمة 250 ألف دولار ويواصل حيازته لثلاث سنوات على الأقل بدلا من مليون دولار، وهو الحد الأدنى السابق لأسعار العقارات التي تمنح مشتريها الحق في طلب الجنسية.

وطبقا لبيانات معهد الإحصاءات التركي (TUIK) ارتفعت مبيعات العقارات للمستثمرين الأجانب بنسبة 82 في المئة في الربع الأول من هذا العام. ومما لا شك فيه أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع المذهل في المبيعات هو الإقبال مؤخرا على الحصول على الجنسية التركية من خلال قوانين الاستثمار.

ولا تتوافر أرقام دقيقة عن عدد الأفغان الذين حصلوا على الجنسية التركية مقابل الاستثمار العقاري، ولكن ليس اللاجئين الأفغان معدمون.

وقال محمد ياسين حميدي، وهو أفغاني يدير وكالة عقارات في حي بيليك دوزو على مشارف إسطنبول  لوكالة فرانس برس، إن مبيعات المنازل لديه تضاعفت هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وإن كثيرا من عملائه من الأفغان.

وأضاف حميدي: "لا يمكن للناس حماية حياتهم وأموالهم في أفغانستان. إذا كان لديك مال، فستتعرض أنت أو أطفالك للخطف. رجال الأعمال مهددون هناك. ولهذا السبب يأتون بأموالهم إلى هنا."

وقد ارتفع معدل بناء المساكن الجديدة في حي بيليك دوزو في السنوات الأخيرة لتلبية الطلب المتزايد على الاستثمار العقاري من قبل الأجانب.

وتقول جمعية مطوري الإسكان والمستثمرين إن الأجانب اشتروا بقيمة 4.6 مليار دولار أمريكي من العقارات التركية في عام 2018، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 10 مليارات دولار هذا العام.

مهارات نادرة للاجئين

يجلب كثير من اللاجئين الذين يصلون إلى تركيا معهم مهارات وخبرات متنوعة تتيح لهم المساهمة في القوى العاملة في البلاد. ومن هؤلاء الأفغاني هادي إخلاص، من قومية الهزارة الذي غادر بلاده قبل ثماني سنوات إلى باكستان المجاورة ثم انتقل بعد ذلك إلى تركيا، حيث ينقش الآن النصوص الإسلامية والعثمانية على الأحجار الكريمة والمعادن - وهي مهارة تعلمها من جده - في البازار الكبير بإسطنبول، أحد أقدم الأسواق في العالم.

قال إخلاص لوكالة فرانس برس: "في الماضي كان بعض التجار الأتراك يستوردون الحجارة المنقوشة من دول أخرى، لكنني الآن أصنعها هنا.

لدى إخلاص شريك تركي يساعده في التسويق ويدير أحد المحلات التجارية الأفغانية البالغ عددها 42 متجرًا في البازار الكبير.

وقال إخلاص: "أخطط لتوسيع نطاق عملي في المستقبل القريب. أود أيضًا أن أدرس مهاراتي للأتراك الآخرين هنا".

وفي زاوية أخرى من البازار الكبير يعمل خليل نوري، الصائغ الأفغاني الخبير في الخواتم والقلائد والمعلقات.

وقال نوري الذي فر من أفغانستان ويعمل في التجارة على مدى السنوات الـ12 الماضية في إسطنبول: "أنا صائغ وخبير في مجال الأشغال اليدوية وأردت مواصلة مهنتي هنا".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!