صحيفة ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

توفي محمد مرسي  أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر يوم الاثنين بعد أن انهار في قاعة المحكمة. كان المهندس السابق 67 عاما الذي تحول إلى العمل السياسي، معتقلا منذ أن أطاح به جنرالات الجيش المصري في انقلاب عسكري عام 2013. وقبل وفاته كان مرسي قد حكم عليه بالسجن لعقود من الزمن بتهم ملفقة هي: تزعم منظمة غير شرعية وتسريب أسرار الدولة. إن حقيقة أن أول زعيم منتخب ديمقراطيًا في البلاد انتهى به الأمر إلى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة داخل قفص زجاجي عازل للصوت، في الذكرى السابعة لفوزه في الانتخابات، يكشف الكثير عن حالة الديمقراطية المصرية اليوم. والأمر الأكثر مأساوية هو أن وفاة مرسي ليست سوى جريمة قتل وأن القادة الغربيين قد غضوا الطرف عن ذلك.

قاد الجنرال عبد الفتاح السيسي، الرئيس الحالي المغتصب للسلطة، العودة السريعة للديكتاتورية العسكرية إلى مصر. وعلى الرغم من أن الزعماء الغربيين، ومن بينهم وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري، سارعوا إلى الثناء على القائد السابق للقوات المسلحة بوصفه المنقذ للديمقراطية، فإن عشرات الآلاف من الناشطين السياسيين ما يزالون  وراء القضبان في مصر. ومما زاد الطين بلة، أن ما لا يقل عن 15 شخصًا قد أُعدموا منذ بداية هذا العام بعد الحكم عليهم بالإعدام في محاكمات صورية. وفي الوقت نفسه أصبح الاختفاء القسري "أداة رئيسية لسياسة الدولة في مصر" منذ الإطاحة بمرسي من السلطة.

أحدث رحيل الرئيس المصري موجات من الصدمة في جميع أنحاء البلاد وفي العالم الإسلامي. وصف المتحدثون باسم جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وفاة مرسي بأنها "جريمة قتل متعمد" و"اغتيال". وأشاروا إلى أن مرسي ظل في الحبس الانفرادي لسنوات في انتهاك لحقوقه الإنسانية الأساسية. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب متلفز الاثنين "لن ينسى التاريخ أبدا الطغاة الذين سجنوا مرسي وقتلوه. ندعو له بالرحمة". وفاة محمد مرسي المفاجئة تلقي بظلال من الشك على التزام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان والديمقراطية. وما يزال السيسي الرئيس المصري المغتصب للسلطة  بعد أن قام بانقلاب دموي، يعامل بوصفه زعيما شرعيا للبلاد. وفي وقت سابق من هذا العام، سافر ممثلون من 28 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى شرم الشيخ لحضور قمة عربية أوروبية ،على الرغم من الانتقادات المتزايدة بشأن اختيار الموقع. وفي الوقت نفسه  تغض الولايات المتحدة وغيرها الطرف عن انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان من أجل المصالح السياسية.

إن ما حدث في قاعة المحكمة المصرية يوم الاثنين يعد تذكيرا بأن مصر لا تزال تتم مكافأتها على ممارستها المارقة، فقد تراجعت الولايات المتحدة عن تجميد مؤقت للمساعدات المالية والعسكرية لمصر في عام 2015، مدعية أن البلاد تتخذ خطوات جادة لمعالجة الديمقراطي الديمقراطي. كما بدأت ألمانيا ودول أخرى تقدم نفسها على أنها طليعة الديمقراطية كلما كان ذلك مناسبًا، منذ ذلك الحين في بسط السجادة الحمراء للجنرال السيسي، متجنبةً مواضيع غير مريحة مثل السجن الجماعي للنشطاء السياسيين في مصر.

ننضم إلى أحرار العالم في المطالبة بإجراء تحقيق مستقل ونزيه في وفاة الرئيس مرسي. ويجب على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي حقق في مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية المملكة العربية السعودية في إسطنبول وغيرها من الفظائع التي ارتكبها حلفاء مصر، النظر في الظروف المحيطة بوفاة مرسي.

إن وفاة محمد مرسي يجب ألا تمر مرور الكرام، إذ يجب على المجتمع الدولي ممارسة الضغط على السلطات المصرية للإفراج عن جميع الناشطين السياسيين، بمن فيهم الصحفيون والأكاديميون ووقف عمليات الاعتقال العشوائي بحق الشعب المصري.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!