ترك برس 

قال موقع "ستراتفور" الأمريكي إن تركيا لن تتخلى عن منظومة الصواريخ الروسية إس 400 على الرغم من المخاطر التي تهدد اقتصادها، إذا فرضت عليها عقوبات أمريكية، لافتا إلى أن إصرار أنقرة على شراء المنظومة الروسية يرجع إلى ضروريات سياسية ودفاعية.

وقال تقرير للموقع إنه حتى في الوقت الذي يناقش فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان إمكانية التوصل إلى اتفاق في اللحظة الأخيرة حول قضية شراء الصواريخ الروسية، فمن المرجح أن ترسل الاعتبارات السياسية الداخلية لتركيا التحالف مع أمريكا إلى الصدام وليس التسوية.

الاعتبارات الدفاعية

ويذكر التقرير أن السبب المباشر لشراء إس 400 يرجع إلى إخفاق أنقرة وواشنطن في السابق في التوصل إلى اتفاق بشأن بيع أنظمة صواريخ باتريوت الأمريكية إلى تركيا التي بدأت في التطلع للحصول على نظام دفاع جوي  للدفاع عن نفسها بعد إن أصبحت أكثر انخراطا في الحرب السورية.

ولكن التقرير يستدرك أن شراء الصواريخ الروسية إنما هو جزء فقط في تفسير سلوك تركيا.

ويوضح أن شراء إس 400 سيمكن تركيا من تطوير علاقاتها مع روسيا التي يتزايد تعاونها مع أنقرة أكثر فأكثر. وهذه العلاقة مهمة على المستوى الأمني ​​والاستراتيجي، لأن موافقة موسكو أمر حاسم إذا كانت أنقرة ستحقق أهدافها في سوريا. كما أن شراء الأسلحة الروسية يساعد تركيا على الوفاء باستراتيجيتها طويلة المدى لتنويع إمدادات الأسلحة والاستفادة من عمليات نقل التكنولوجيا من شركاء غير الولايات المتحدة نظرا لخلافاتهما المتكررة حول السياسة والاستراتيجية.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن شراء تركيا للصواريخ الروسية يحمل تداعيات استراتيجية وعسكرية تنذر بالخطر. فمن شأن تسريع العلاقات الدفاعية التركية الروسية أن يعقد تحالف أمريكا مع تركيا. وتشعر الولايات المتحدة بالقلق أيضًا من أن تركيا قد تستخدم نظام إس 400 لفحص مقاتلات إف 35، ومن ثم سقوط المعلومات الاستخباراتية في أيدي الروس. 

ويردف أن تناقض المصالح هذا أنتج صدامًا بين الحليفين، فتركيا لا تريد أن تظهروكأنها تراجعت عن اتفاقها الذي طال انتظاره ، في حين أن كثيرين في الولايات المتحدة كما هو الحال في الكونغرس، يرغبون في مواصلة المواجهة مع تركيا بشأن إس 400.

الاعتبارات السياسية

ويشير الموقع إلى أنه في الوقت الذي تدرك فيه تركيا جيدًا العواقب والأضرارالاقتصادية المترتبة على اختيارها واستبعادها من برنامج إف 35، فإن الاعتبارات السياسية المحلية تدفع أنقرة إلى تجاوز الاقتصاد واختيار المنظومة الدفاعية الروسية.

ويوضح أن الرئيس التركي أردوغان اكتسب شعبيته في الداخل، من خلال تحدياته المتكررة للضغوط الإمبريالية الغربية على بلاده. ويحسب أردوغان في الوقت الحاضر أن التهديدات الأمريكية خدعة، تدفعه إلى اختيار طريق يعزز شعبية الحكومة.

ووفقا للتقرير، فإن مدة الخمس سنوات المتبقية حتى إجراء الانتخابات المقبلة في عام  2023 تشكل أيضًا جزءًا من حسابات أنقرة فيما يتعلق بالمخاطر الاقتصادية، حيث يرى أردوغان أن لديه وقتًا لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد، حتى لو فرضت الولايات المتحدة عقوبات تتسبب في فرار المستثمرين الأجانب أو المزيد من تراجع الليرة التركية.

ويرى التقرير إن العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة يمكن أن تلحق الضرر فقط بالصناعات الدفاعية التركية وليس الاقتصاد التركي برمته.

وأضاف أن تركيا قد تكون على استعداد للتضحية بنجاح صناعاتها الدفاعية، على أساس أن عقوبات قانون " كاستا" التي ستستهدف فقط قطاع الدفاع لن تضر اقتصاد البلاد على نطاق واسع، حيث إن قطاع الدفاع  يمثل أقل من 1 في المئة من الاقتصاد التركي ويعمل به 30.000 شخص فقط في سوق العمل.

ووفقًا لآخر تسريبات عن عقوبات كاستا المحتملة، يمكن للسلطات الأمريكية أن تمنع ثلاث شركات دفاع تركية من الوصول إلى النظام المالي الأمريكي، وهو قيد من شأنه أن يضر تلك الشركات، ولكن ليس بالضرورة أن يؤذي ذلك بقية الاقتصاد.

وخلص الموقع إلى أنه في حالة فرض الولايات المتحدة عقوبات انتقامية على تركيا، فإن المشاكل المتعلقة بالصناعات الدفاعية التركية قد تمهد الطريق لمفاوضات أكثر جدية حول هذه القضية. وفي إطار حل توفيقي، على سبيل المثال، يمكن لتركيا أن تجمد شراء الصواريخ الروسية أو تتبرع به لحليف إقليمي، مثل أذربيجان.

لكنه استدرك بأنه لا يوجد أي ضمان بأن الضغط الاقتصادي الأمريكي الكبير سوف يفرض حلًا وسطًا، ما يعني أن السجال حول إس 400 قد يفسد العلاقات الأمريكية التركية لسنوات قادمة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!