جيم كوجوك – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

كانت تركيا واضحة الموقف دائماً فيما يخص الوصاية العسكرية الداخلية والضغوطات الخارجية. فكُسرت شوكة الوصاية العسكرية. والآن هناك موقف واضح لتركيا تجاه الغرب. وإذا لزم الأمر فمن الممكن أن تخرج على قواعد الناتو فيما يخص الأسلحة والصواريخ. وكان هذا من أهم مواضيع السياسة الخارجية التركية.

هل تسألون لماذا؟ قامت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلنتون بإلقاء خطاب في مؤتمر السياسة الخارجية في شهر تشرين الثاني عام 2011. وقالت في هذا الخطاب أن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن آسيا والمحيط الهادي بالنسبة للولايات المتحدة. وبدأت الولايات المتحدة بحركة تسلّح في تلك المناطق وبشكل كبير حتى أنها وضعت في أستراليا 2500 جندي لأول مرة. وقامت بأفعال أخرى مثل القواعد الجوية في جزيرة غوام وبيع أسلحة لتايوان بقيمة 14 مليار دولار وتحليق الطيران التجسسي قريباً من الصين ... وتحاول الولايات المتحدة أن تضع عراقيل أمام الدول التي توقع اتفاقيات لشراء الأسلحة والصواريخ من الصين وتفعل ما بوسعها للحيلولة دون ذلك.

تتابع تركيا لقاءاتها ومفاوضاتها مع شركة CPMIEC الصينية فيما يخص الاتفاق حول مناقصة النظام الصاروخي. وضغط الولايات المتحدة علينا وقولها لا توقعوا تلك الاتفاقية هي حقيقة معروفة. لأن العلاقات العسكرية مع الصين تتسبب بامتعاض الولايات المتحدة.

وتصرح الحكومة في أنقرة بكل وضوح بأنها ستلغي مناقصة الصواريخ بعيدة المدى وتتحول إلى خطط جديدة في حين لم يتم تلبية شرطها الحازم في نقل التكنلوجيا الخاصة بالصواريخ بعيدة المدى  إلى تركيا . وسيتم تبرير قرارها هذا من خلال قولها "عدَلتُ عن شراء المنتجات, سأنتقل إلى مرحل الإنتاج المشترك, سأقوم بالإنتاج بنفسي".

في حال تم إلغاء مناقصة الصواريخ بعيدة المدى, ستظهر خيارت أخرى من دول وشركات مختلفة يمكن لتركيا أن تقوم بالانتاج المشترك معها. وفي حال حدث ذلك فلا داع لفترة دخول في مناقصة جديدة. حيث تهدف الحكومة إلى الوصول إلى أهدافها بشكل غير مشروط سواء كان ذلك فيما يخص الانتاج المشترك ونقل التكنلوجيا أو فيما يخص الأسعار. وتوضح أنها تترك خيار إلغاء المناقصة كخيار أخير وذلك بسبب التأخير الذي سيسببه الإلغاء في حال حصوله. ولكن احتمال الإلغاء سيكون قائماً دائماً بسبب عدم تخليها عن شرط نقل التكنلوجيا.

من المفيد أن نضع خطوطاً تحت التصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إبراهيم كالين في هذا الخصوص بتاريخ 23 شباط:

"لقد قام السيد رئيس الجمهورية بالتصريح حول الموضوع أيضاً عندما كان رئيساً للوزراء, وقام السيد رئيس الوزراء بتوضيح الأمر أيضاً , في هذا الموضوع هناك معايير حساسة جداً, وهي الأسعار, وتاريخ التسليم, ونقل التكنلوجيا أو الإنتاج المشترك. وسينفذ المشروع الذي يلتزم بهذه المعايير والذي يكون هو الأفضل من كافة النواحي للجمهورية التركية. ولا أساس للأحاديث التي تتحدث عن عدم توافق هذا النظام مع نظام الناتو. فنحن عضو في المنظومة الدفاعية للناتو ومن أهم الأعضاء ولا شك في أننا سنحدث توافقاً معهم. ولكن الجدل الدائر حول الموضوع قد يكون القصد منه نية سيئة من وقت لآخر.

كما أسلفت فإن معاييرنا في منتهى الوضوح والموضوعية ومحاولة جر النقاش حول هذا الموضوع إلى أهداف إديولوجية وسياسية يجعل من هذه النقاشات عديمة الفائدة. لا شك أننا سنتلقى المزيد من العروض المختلفة في الأسابيع والأشهر القادمة وسيتم تقييم هذه العروض مع مستشاري الصناعة الدفاعية ووزارة الدفاع ورئيس الوزراء لعرضها على الموافقة النهائية من قبل رئيس الجمهورية".

ما فهمته أن تركيا قد تلغي الاتفاق مع الصين. وفي حال متابعتها فيمكن لهذا النظام أن يكون متوافقاً مع أنظمة الناتو, وطبعاً يجب أن نرى إن كانت الصين توافق على ذلك. ويمكن لتركيا أن تجري نقل التكنلوجيا الذي تصر عليه مع فرنسا أو روسيا أو الولايات المتحدة أو مع دول أخرى.

ولكن يتم الحديث عن أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً على تركيا في هذا الموضوع وفي مقابل ذلك تطلب تركيا من الولايات المتحدة حلولاً وسطاً في مواضيع أخرى كمصر وسورية وما شابهها. لأول مرة في تاريخ الجمهورية يتسم الموقف التركي بالقوة الشديدة. وقد تحقق ذلك من خلال الإدارة الحكيمة والتمسك بالمواقف.

وبالانتقال إلى الموضوع الاسرائيلي. ينبغي على الجميع أن يقرأ عنوان جريدة يني شفق. اقترحت اسرائيل دفع مليار دولار مقابل الشهداء الذين سقطوا في (مافي مرمرة) . ويتم الادعاء أن إسرائيل التي لا تريد تسمية الموضوع بهذا الشكل جاهزة لتنفيذ بعض ما تريده تركيا في الموضوع المصري والسوري. لا يخفى على أحد ردة فعل أوباما وفريقه تجاه إسرائيل ونتنياهو. فقد رفض أوباما لقاء نتنياهو قبل يومين. هل كان من الممكن في الماضي أن يأتي رئيس إسرائيلي إلى واشنطن ويغادر قبل لقاء الرئيس الأمريكي؟ إسرائيل الآن في وضع لا تحسد عليه. ولا تملك الكثير من الخيارت غير الاتفاق مع تركيا.

تحمل الأيام القادمة الكثير من الأحداث في الشرق الأوسط. فإذا ما ظل أوباما على مواقفه السلبية تجاه إسرائيل , فمعنى ذلك أن أياماً صعبة تنتظر تل أبيب. ويبدو أن السياسة الخارجية التركية ستحصد ثمار التزامها بمواقفها. ويمكن أن تغير هذه الحملة الحكيمة من قبل تركيا التي هي أقوى دولة في المنطقة الشيء الكثير. وطبعاً الحذر واجب. 

عن الكاتب

جيم كوتشوك

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس