إبراهم كيراس – صحيفة ستار – ترجمة وتحرير ترك برس

حظيت زيارة اردوغان التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية بداية هذا الأسبوع، على اهتمام واسع من عواصم دول المنطقة وعلى رأسها القاهرة، وقد فتح تواجد السيسي بنفس اليوم في السعودية الباب واسعا أمام الشائعات، حيث أصرّت بعض الأطراف في الإعلام العربي على نشر خبر مفاده أنّ الملك السعودي يسعى لجمع الرئيسين المصري والتركي.

من الممكن للبعض أنْ يتوقع مثل هذا الحدث، خصوصا عند النظر إلى ما نشرته وسائل الإعلام تلك، وإلى الوضع القائم في تركيا، وتزداد أهمية مثل تلك الأخبار عندما نعلم أنّ زيارة السيسي للسعودية قد تم التخطيط لها بعد إعلان اردوغان عن جدول زيارته للمملكة، لهذا كان البعض يعتقد أنّ الملك السعودي ربما يسعى إلى إحداث تغيير هام على صعيد السياسة الخارجية من خلال الإصلاح بين تركيا ومصر.

من المعروف أنّه من الممكن أنْ تطلب مصر ذلك، كما لن يرفض السعوديون العمل على تحقيق مثل هذه المصالحة، لكن لحسن الحظ قد سألنا اردوغان في المطار قبيل توجهه إلى جدة عما يُقال في الإعلام، وفي الإعلام العربي تحديدا، ليعطي إجابة قوية لا تروق للطرفين السعودي والمصري، فقد أكّد اردوغان على تمسك تركيا بمواقفها تجاه ما يحدث في مصر.

وفي رده على تصريحات السيسي التي قال فيها "نحن لا نقف ضد تركيا ولم نقم بأي شيء سلبي تجاهها، لكن عليهم أنْ لا يتدخلوا في شأننا الداخلي"، قال اردوغان "نحن لا نتدخل في شأن مصر الداخلي، لدينا طلبات ديمقراطية، أولها إخلاء سبيل كل السجناء السياسيين وعلى رأسهم مرسي، وبنفس الوقت إعطائهم حق المشاركة السياسية، هذا أمر هام من أجل استقرار مصر، وهذا ما نتمناه، فوضع مصر الاقتصادي حاليا ليس جيدا برغم كل الدعم الذي يحصلون عليه، ونحن طلبنا من أصدقائنا في المستوى الأدنى أنْ يستمروا في أعمالهم الثنائية، فلا يوجد لدينا نية لممارسة الضغوط على الدولة المصرية".

وهكذا أعلن اردوغان أنّ مصر لم تنفذ التغييرات التي طلبتها تركيا من أجل تحسين العلاقات وإرجاعها لوضعها الطبيعي، وحينها أنهى السيسي زيارته إلى السعودية وعاد إلى مصر.

في المحصلة لم يحصل التطوّر الذي كان متوقعا أنْ يقوم به الملك السعودي، ومن الواضح أنّ هذا الأمر لم يكن حقيقيا أو ممكنا أصلا، لكن الذي أجرى هو أنّ الملك السعودي الجديد فعلا يريد إحداث تغييرات على صعيد السياسة الخارجية، ونحن نعلم ذلك منذ أنْ كان وليا للعهد، لكن ما قام به بعد توليه الرئاسة هو إحداث تقارب مجددا بين السعودية وتركيا من جهة، وبين السعودية وقطر من جهة أخرى، أما على الصعيد المصري فلم يحدث تطورات ملموسة.

من جهة أخرى تسعى بعض الأطراف التي غضبت من تولي الملك سلمان لسدة الحُكم، إلى التخلص منه ومن سياسته بشتى الطرق، وسعت لذلك حتى قبل أنْ يصبح ملكا، ومثال ذلك الإمارات العربية المتحدة التي تتخذ سياسة قائمة على رفض الإخوان المسلمين وتصفيتهم في سوريا وفي ليبيا وفي كل المنطقة.

ولهذا ظهر جليّا فقدان جبهة السعودية والإمارات وإسرائيل السابقة لإحدى أهم عناصرها المتمثل بالملك عبد الله، وظهر ذلك واضحا من خلال عدم دعوة السيسي والرئيس الإماراتي لحضور جنازة الملك عبد الله، وقد نشرتُ سابقا التحليلات الخاصة بملامح جنازة الملك عبد الله.

ولهذا علينا أنْ ندرك أيضا أنّ الملك السعودي لا يستطيع إحداث تغييرات آنية ومفصلية على صعيد السياسة الخارجية، وخصوصا فيما يتعلق بالعلاقات بين مصر وتركيا والسعودية.

عن الكاتب

إبراهيم كيراس

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس