زهير سالم - مدير مركز الشرق العربي

حول دولة الإسلام العثمانية..

مَلكْنا فكان العَفْو منَّا سَجيَّةً ...فلمَّا ملكْتُمْ سالَ بالدَّمِ أبْطَحُ 

فحسْبُكُمُ هذا التَّفاوتُ بيْنَنا ...وكلُّ إِناءٍ بالذي فيهِ يَنْضَحُ

ما صدر عن الرئيس اللبناني الماروني ميشيل عون من تفوهات بحق الدولة " العلية العثمانية " دولة الإسلام والمسلمين على مدى خمسة قرون هو عدوان صارخ على التاريخ وعلى الجغرافيا وعلى الماضي والحاضر والمستقبل . وهو استفزاز قبيح لمشاعر أبناء المسلمين في كل أنحاء العالم . كما أنه جحود ونكران يشهد عليه بقاء ميشيل عون وطائفته على هذه الأرض المباركة كل هذه القرون ..فالدولة المسلمة في كل تجلياتها لم تكن يوما دولة محاكم تفتيش . وعقيدة الإسلام قامت على قاعدة أنه لا إكراه في الدين .

وبقاء ميشيل عون وطائفته وأتباع دينه لم يكن يوما بالنسبة إلى المسلمين منّة يمنون  بها على مخالفيهم من الناس !! .بل كان ذلك هو حق الناس الساطع  المستمد من عقيدة الإسلام وشريعته وكذا من أخلاق وتسامي المسلمين . وبقاء ميشيل عون ومن يليه هو دليلنا القاطع على كذب ما يدعون ويفترون ؛ وعلى أن التاريخ  لا يهذي كما يهذون .

ولو عاملناهم بالأمس كما يعاملوننا هم وأشياعهم في الداخل والخارج كما يعاملوننا اليوم لما بقي منهم ديار ولا موقد نار .

من المفيد أن نذكر أو أن نتذكر أن ميشيل عون هو ابن الطائفة نفسها التي ينتمي إليها ميشيل سماحة ، ميشيل سماحة الذي كان يدبر فتنة بالاتفاق مع بشار الأسد لقتل القادة الدينيين في الطائفة المارونية نفسها " صفير والراعي " ليجد الطائفيون الحاقدون مدخلا لاتهام المسلمين ، ثم لتقتيلهم وتشريدهم . كما يفعل عون وحلفاؤه اليوم في لبنان وسورية على السواء .

أمر واحد يجب أن يتواصى به أبناء أمتنا الواعون الأتقياء ألا وهو رغم وقاحة التفوهات التي صدرت عن ميشل عون بحق الدولة العلية العثملنية ، وقبحها ووقعها المستفز ، وتداعياتها الخطيرة ؛ فإنها لا يجوز أن تخرج قادة هذه الأمة ونخبها وجماهيرها عن وقارهم وسمتهم وإصرارهم على أن يعيدوا الحق إلى نصابه في ظل دولة تحقق العدل والمساواة لجميع الناس على قاعدة المواطنة والسواء . وهذه هي الراية نفسها التي اضطلعت بها دولة الإسلام على مدى ألف وثلاث مائة عام ، وكانت الدولة العلية العثمانية الحلقة الأخيرة من حلقاتها بعد أن أحاط بها المتآمرون ونخر وجودها سوس الممسوسين ..

الدولة التي لم يكن لكل سكان المنطقة بعدها إلا المزيد من التشتت والتشرذم والضياع والظلم والتهجير والتقتيل..!!

لا يجرؤ ميشيل عون أن يقدم للرأي العام المسيحي ولا الماروني تقريرا علميا عن الأسباب التاريخية العملية لهجرة مسيحيي الشرق ولاسيما من سورية ولبنان في ظل الطغمة الأسدية التي يلتحف ملاءتها اليوم .

ينسى أو يتناسى ميشيل عون وهو يشن هجومه الفاجر على راية هذه الأمة الناصعة ، أن الذي أخرجه ذليلا مدحورا من لبنان إلى مهجره في باريس ليس الدولة العثمانية ، ولا الإسلام ولا المسلمون لا السوريون ولا اللبنانيون ..وإنما الذي فعل ذلك هو حليفه الظالم المستبد حافظ الأسد الذي يتحالف معه اليوم في عملية ارتكاس تاريخي يقوم على العصبية  ضد الإسلام وضد المسلمين وضد السوريين وضد الأتراك وضد التاريخ وضد كل ما هو جميل  ..

ميشيل عون : إن مما حفظ الناس من كلام النبوة الأولى إن لم تستح فاصنع ما شئت .

أو لعل الأولى بحقك أن يقال : " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا "

لندن : 2 / محرم / 1441 - 1/ 9 / 2019 

عن الكاتب

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس