ترك برس

تشهد ولاية "دياربكر" جنوب شرقي تركيا، وذات الغالبية الكردية من السكّان، اعتصامات بدأتها أمهات كرديّات أمام مقر حزب الشعوب الديمقراطي، بعد تعرض أبنائهنّ الشباب للاختطاف من قبل الحزب، ونقلهم إلى القتال في صفوف تنظيم "بي كي كي" المصنّف إرهابياً.

ومع مرور الأيام تزداد أعداد الأمهات المعتصمات أمام مقر الحزب، وسط إشادة الحكومة بالاعتصام وصمت من قبل أحزاب المعارضة.

وبدأ الاعتصام من قبل أمهات المختطفين، ليتوسع لاحقًا بمشاركة الآباء أيضًا، وسط تجاهل تام من قبل وسائل الإعلام الغربية التي تحرص على نشر أخبار ملفقة عن وضع الأكراد في تركيا وتروج للتنظيمات التي تتسبب بقتل عدد كبير من الأبرياء في البلاد منذ سنوات.

وتطالب الأسر مسؤولي الحزب المذكور باسترجاع أبنائها من صفوف المنظمة الإرهابية، وتؤكد أنها ستواصل الاعتصام حتى يعود الأبناء.

وأمام هذا اضطر "الشعوب الديمقراطي" الذي يصف نفسه بالمدافع عن حقوق الأكراد، لإغلاق أبوابه أمام الأمهات الكرديّات، وسط تصاعد التوتّر أحياناً بين الأمهات وأعضاء الحزب.

 

وقال البروفسور برهان الدين دوران، منسّق وقف "سيتا" للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إن اعتصام الأمهات الكرديّات أمام مقر "الشعوب الديمقراطي"، كشف زيف ادعاءات الحزب المذكور في الدفاع عن حقوق المواطنين الأكراد.

وأضاف الخبير التركي في مقال له بصحيفة "صباح"، أن المثير  ليس إغلاق "الشعوب الديمقراطي" أبواب مقره في وجه الأمهات الكرديّات، بل صمت المعارضة وعدم تعليقها على الحدث، لا سيما وأن الموضوع متعلّق بمصير شباب بعضهم دون سن الرشد، وهم في طريقهم للالتحاق بتنظيم إرهابي.

ورأى "دوران" أن التضامن مع الأمهات الكرديات وظيفة إنسانية ووطنية، مشدداً على أن تجاهل صرخاتهنّ "ليس سوى نتيجة اتبّاع أيديولوجية سياسية بسيط."

وتابع: "في الواقع، حملة الأمهات الكرديات تعطي العديد من الدروس للمعارضة التي أصمّت أذنيها أمام هذه الحادثة. قبل كل شيء، هذه الحادثة شكّلت نموذجاً جيداً لتكثيف الضغوط الديمقراطية على حزب الشعوب الديمقراطي الذي لم يستطع حتى الآن وضع مسافة بينه وبين الإرهاب."

وبحسب الخبير التركي، فإن "الصرخات التي أطلقتها أم كردية أمام مقر الحزب في ديار بكر، عندما قالت أبناؤنا في الجبل، بينما أولادكم في أرقى المدارس الخاصة، تظهر بداية انتكاسة حزب الشعوب الديمقراطي وأيدلوجيته."

ودعا الساسة في تركيا، إلى دعم حملات الأمهات الكرديات، وتكثيف الضغوط على "الشعوب الديمقراطي"، في خطوة قال إنها "من أجل إعدام الإرهاب في ضمائر المجتمع قبل فعل ذلك على أرض الواقع."

وأشار إلى وجود أطراف تدعوا إلى إطلاق مرحلة أشبه بعملية السلام مع الأكراد التي انتهت قبل سنوات، وضرورة المساهمة في تأمين ترك العناصر المسلحة لدى "بي كي كي" أسلحتها، ومن ثم الجلوس على طاولة الحوار.

وفي معرض ردّه على هذه المطالب، أعرب "دوران" عن رفضها لعدة أسباب، أبرزها أن "عملية السلام بين عامي 2009 – 2013، أظهرت أن حزب الشعوب الديمقراطي لا يستطيع وضع حدّ بينه وبين الإرهاب الذي مقرّه جبال قنديل شمالي العراق. الأكثر من ذلك، أن الذي بيده السلاح في قنديل، يتحكّم بالسياسي الذي في المدينة داخل تركيا. لذا فإن الشعوب الديمقراطي لن يستطيع التأثير في بي كي كي في ظل ظروف الحرب الداخلية في كل من سوريا والعراق، بل العكس هو الذي يكون."

وأوضح أن السبب الآخر هو أن "بي كي كي" الذي يحصل على السلاح من الولايات المتحدة الأمريكية عبر ذراعه السوري ي ب ك، ويتم العمل على استغلاله ضد إيران، لا يمكن لها أن تترك السلاح، وهي لا تريد فعل ذلك أصلاً، بحسب "دوران".

وأضاف أن السبب الثالث تتمثل في أنه قد تكون هناك تجارب ناجحة حول العالم في تأمين تخلّي مجموعات إرهابية عن أسلحتها وتحقيق السلام في المجتمع، مضيفاً :"إلا أن الوضع الإقليمي لـ بي كي كي في الوقت الراهن، لا يشبه وضع المنظمات الإرهابية الأخرى في أوروبا ومناطق أخرى من الدول التي حققت السلام الداخلي مع العناصر المسلحة سابقاً."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!