برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

توافق توقيت الأخبار التي تحدثت عن التقارب التركي السعودي وتشكيله قوة سنية في المنطقة مع بداية العملية التي يهدف الجيش العراقي منها إلى استعادة تكريت من أيدي داعش. وقد لفت الانتباه مشاركة الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران ولعب قاسم سليماني بالذات دوراً مهماً في تلك العملية.

ويتضح من كلتا الحادثتين أن إيران تستخدم جميع الوسائل المتاحة لاتباع سياسة توسعية في الدول العربية. وهذا التوسع يمكن ربطه ببداية الثورة الإيرانية ومحاولة تصديرها. ويأتي في مقدمة المجموعات التي ترتبط بإيران من الناحية العسكرية والعقائدية حزب الله اللبناني وحزب الله في الحجاز.

فتحت الولايات المتحدة من خلال احتلالها للعراق في عام 2003 مجالات جديدة أمام سياسة التشييع. ومن علامات سيطرة السياسة الإيرانية الشيعية هو تقلد المجموعات الشيعية المرتبطة بإيران للحكم في العراق، وتمرد الشيعة في البحرين، تبعية شيعة أفغانستان واليمن للسياسة الإيرانية (استيلاء الحوثيين على صنعاء في الفترة الأخيرة) وما شابهها من الحوادث مثل الحركات التي يقوم بها الشيعة في المناطق النفطية المهمة غرب المملكة السعودية.

وكانت الميليشيات الشيعية في سورية والعراق آخر ما شهدنا من أمثلة سياسة التشييع الإيرانية. حيث توجد في العراق جماعات يوجهها قاسم سليماني منها كتائب بدر وكتائب حزب الله وعصائب الحق وكتائب الإمام علي وجماعة مقتضى الصدر.

وصرح ديمبسي رئيس أركان الولايات التي تنظر بإيجابية إلى اشتراك الميليشيات الشيعية في الحرب ضد داعش فإن ثلثي القوات المقاتلة على الأرض تتكون من تلك الميليشيات. هذا مثير للاهتمام، ذلك أن بعض هذه الميليشيات تصنفها الولايات المتحدة على قائمة المنظمات الإرهابية... تعطي الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب في العالم الأولوية لحرب التنظيمات التابعة للجماعات السنية مثل القاعدة وداعش.

أما النصف الثاني من الصورة فهو ناقص. حيث يوجد المقاتلون الأجانب والميليشيات الشيعية. وهذا القسم يتم تغطيته من قبل الولايات المتحدة التي تتفق بشكل مخفي مع إيران فيما يخص الحرب على داعش. علماً أن الممتعضين من القوة المتزايدة لإيران في المنطقة يحذرون من إنشاء داعش شيعي في المنطقة في الوقت الذي يحاول الجميع القضاء على داعش السني. والسبب الأكثر وضوحاً في ذلك أن الميليشيات الشيعية لا تهدد العواصم الغربية من المنظور الإرهابي. ولكن من المحتمل أن تصعّد تلك الجماعات المستخدمة في الحرب على داعش من العنف ضد السنة في العراق وسورية. وفي هذه الحال ستساهم إيران التي تساهم في تقوية مركزها في قيادة الشيعة في العالم في ازدياد مشاعر الكره ضد الشيعة الذين يعيشون في المناطق السنية.

ويبقى تأثير القوة الناعمة التي تحاول إيران استخدامها عبر ما يقارب 40 قناة تلفزيونية مقتصراً على الشيعة فقط. وإيران التي تحاول التعامل بقوتها محط كره من قبل العالم السني. ويتسبب هذا السعي في نشر التشيع في إلباس أهدافها القومية والاستراتيجية لبوساً دينياً ويتسبب أيضاً في تصاعد الحركة التكفيرية في الوسط السني.

سيساهم توازن القوى الذي ستقوم به دول المنطقة مع إيران في إحلال النظام في المنطقة. ويجب فهم التقارب التركي السعودي على هذا النحو. ذلك أن التحزّب السني الشيعي سيفتح المجال أمام للتطرف والتكفير أكثر. 

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس