مراد يتكين - راديكال - ترجمة وتحرير ترك برس

يبدو الآن أن أكثر المناطق أمناً بالنسبة لتركيا على الحدود التركية السورية هي المناطق التي يديرها "حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)" في سوريا. وستبقى كذلك ما دام حوار الحكومة مع "حزب العمال الكردستاني (PKK)" مستمراً. ولهذا يهاجم تنظيم الدولة (داعش) مناطق PYD.

يوم أمس نشرت وكالات الأنباء أخباراً عديدة تخص دولة الإسلام في العراق والشام أو ما يعرف بتنظيم داعش، ولكن أحد تلك الأخبار بقي في الظل.

وهذا كان طبيعياً لأن الأخبار الأخرى كانت أخباراً مهمةً بكل معنى الكلمة.

مثلاً كانت أهم التطورات يوم أمس فيما يخص هذا الموضوع هي استرجاع القوات العراقية لتكريت مسقط رأس صدام حسين من تنظيم داعش الإرهابي المشؤوم أو أياً يكن اسمه.

أقول القوات العراقية ولكن الذي كان يقود العملية من أولها إلى آخرها هو قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي يتبع للحرس الثوري الإيراني؛ وبطبيعة الحال كان هو الذي دخل إلى المدينة دخول الفاتحين بالرغم من وجود ضباط عراقيين بجانبه.

ألا تقول حكومتنا "لا يجب على الشيعة أن يشغلوا المواقع التي تتركها داعش" هي في الأساس تقصد أن لا تشغل إيران تلك المواقع. لأن أغلب العشائر السنية عانت من التهميش في ظل حكم المالكي الشيعي وكردة فعل على ذلك فقد دعم بعض ضباطهم الذين عملوا في جيش صدام سابقاً داعش".

في الجانب الآخر فإن الذين يقاتلون ضد داعش في الواقع هم الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران والقوات الكردية وإن كان الظاهر على الورق هو الجيش العراقي.

ستجدون هذه المعلومة مثيرة للاهتمام: في التحالف الدولي ضد داعش تقوم تركيا بتدريب رجال العشائر السنية إلى جانب تدريبها لقوات البيشمركة التابعة لإدارة إقليم كردستان العراق وخاصة في المناطق المجاورة للموصل.

ومن جانب آخر تقوم إدارة إقليم كردستان بتعليم كيفية استخدام الأسلحة لمن يريد الحرب ضد أفراد داعش من المسيحيين.

أما إيران فمن المعروف أنها باشرت بتدريب مجموعات من التركمان الشيعة إضافة إلى قواتها الموجودة سلفاً. وهذا ما يشكل مصدر قلق إضافي لحكومة أحمد داود أوغلو.

وهذه كلها تحضيرات للحركة العسكرية الواسعة التي يتوقع أن يشنها التحالف الدولي لاستعادة الموصل من داعش.

زار الجنرال لويد أوستين قائد القوات المركزية للولايات المتحدة أنقرة يوم أمس للقاء رئيس الأركان الجنرال نجدت أوزال.

أما المتحدث باسم وزارة الخارجية فقد أفاد يوم أمس في جوابه على أحد الأسئلة بأنه ليس من الوارد الآن استخدام قاعدة إينجيرليك في عمليات تحرير الموصل. لا يبدو أن أنقرة تراجعت عن شرط منطقة حظر الطيران التي تريد تفعيلها ضد الأسد. ولكن هذه هي السياسة, يمكن أن يتغير كل شيء في خمس دقائق.

هناك خبر آخر مهم يتعلق بداعش, هو نشر داعش لتسجيلين يظهر أحدهما تفجير 7 سيارات مفخخة في وقت واحد في مدينة الرمادي العراقية، والثاني يظهر إعدام شخص متهم بالعمالة لإسرائيل من قبل طفل يتوقع أن يكون في العاشرة من عمره من خلال إطلاق الرصاص على رأس الرهينة.

تضيف داعش كل يوم معان جديدة على كلمة الوحشية.

وطبعاً إلى جانب هذه الأخبار بقي في الظل خبر بداية داعش لهجوم على منطقة رأس العين التي تقع مقابل جيلان بينار على الحدود التركية .

رأس العين هي منطقة تخضع منذ فترة لقوات YPG وهي الجناح المسلح لـ PYD والذي يعتبر الأخ السوري للـ PKK. طبعاً كما هو الحال في المنطقة التي تم نقل رفات سليمان شاه إليها في سورية...

يبدو أن داعش التي لم تعد تسيطر على نقاط تماس كثيرة مع تركيا بعد عملية حصار عين العرب (كوباني) التي جرت في الفترة مابين أيلول 2014 و يناير 2015 تحاول الآن إيجاد نقاط تماس جديدة مع تركيا. (وكما هو الحال في عين العرب فإن رأس العين قريبة من مدينة الرقة مركز داعش في سورية.)

هدف داعش هو تأمين دخول المقاتلين الأجانب من تركيا إلى سورية كما كان الحال في السابق. ولكن التدابير أصبحت أكثر جدية من قبل الغرب وتركيا وخاصة بعد تفجير منطقة السلطان أحمد في تركيا وحادثة شارل إيبيدو في فرنسا.

ولكن هناك جزئية مهمة أخرى.

كما كان الوضع في مثال ضريح سليمان شاه, فإن المناطق التي تديرها قوات PYD على الحدود السورية التركية تشكل ما يشبه المنطقة العازلة بين داعش وتركيا.

ويبدو أنها ستبقى كذلك طالما استمرت لقاءات الحكومة و PKK حول إنهاء النزاع المسلح. مما يعني أن وجود PKK/ PYD على الحدود السورية التركية هو بمثابة الدرع الذي تنشره القوات المسلحة التركية أو أنه في نفس القيمة الاستراتيجية. هناك أمور يصعب فهمها في هذا العالم اليس كذلك؟

ولهذا إذا ما حاولت داعش أن تحول رأس العين إلى كوباني ثانية فإن محاولتها هذه لن تؤثر على سورية والعراق فقط وإنما يمكن أن تؤثر على تركيا وخاصة على المحادثات الجارية مع PKK في هذه المرحلة الحرجة.

ولكل ما سبق فإنه من الفائدة أن نضاعف مستوى الحذر في هذه الأيام.

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس