محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

تواصل عملية "نبع السلام" التركية في شرق الفرات زعزعة التصورات السياسية وحالات النفاق والعلاقات القذرة في الداخل والخارج. 

النموذج الأول الملفت للانتباه على هذه الحالة نراه في مواقف الولايات المتحدة واللاعبين السياسيين الأمريكيين. 

يأتي في طليعة هؤلاء اللاعبين السيناتور الجمهوري لندسي غراهام، الذي يرافق ترامب عندما يمارس رياضة الغولف.

كتبت في هذا العمود عدة مرات عن غراهام. يبدو أن عملية نبع السلام كانت فعالة جدًّا إلى درجة أن غراهام الذي كان حتى الأمس يعتبر "ي ب ك" تنظيمًا إرهابيًّا وتركيا محقة، اتجه في اتجاه آخر مخالف تمامًا. 

لماذا يا ترى؟ 

قبل الإجابة عن هذا السؤال لنعد إلى 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، ونستمع لمحادثة غراهام نفسه مع وزير الدفاع الأمريكي آنذاك أشتون كارتر، في الكونغرس:

غراهام: هل سمعتم بـ "ب ي د"؟

كارتر: نعم سمعت.

غراهام: من هو؟

كارتر: مجموعة كردية.

غراهام: هل سمعتم بـ "ي ب ك"؟

كارتر: سمعت بها أيضًا.

غراهام: حسنًا، من هم؟

كارتر: مجموعة كردية أخرى.

غراهام: أليسوا الجناح المسلح لـ "ب ي د"؟

كارتر: نعم، هم كذلك.

غراهام: هل هذا صحيح؟

كارتر: صحيح، إنه حزب سياسي كردي ذو توجه يساري، تأسس عام 2003.

غراهام: التقارير المتوفرة تشير إلى أنه تابع لـ "بي كي كي"، أو على أقل تقدير لديه علاقات وثيقة معه، صحيح؟

كارتر: نعم.

غراهام: "بي كي كي" هو تنظيم إرهابي بنظر الحكومة التركية، أليس كذلك؟

كارتر: "بي كي كي" ليس تنظيمًا إرهابيًّا بالنسبة للحكومة التركية فحسب، هو كذلك في نظر حكومة الولايات المتحدة.

انظروا إلى المشهد: يجري الحديث في الكونغرس الأمريكي عن دعم تنظيم "ي ب ك/ بي كي كي" اليساري والإرهابي، ولا أحد ينزعج.

لأن الأمريكيين يعلمون أن الولايات المتحدة تتعامل مع التنظيمات اليمينية واليسارية من أجل مصالحها. 

لكن ماذا عن موقف اليساريين من ذلك؟ 

مع الأسف لا يتجاوز أصابع اليد  عدد اليساريين المنددين بهذه العلاقة القذرة و الرافضين لها.

لا أحد يسأل، هل الأسلحة الأمريكية تُستخدم في "نضال تحرري"؟ 

ليس من المدهش على الإطلاق أن يتراجع غراهام هذا التراجع الحاد عن مواقفه في عالم يقيم فيه الإمبرياليون واليساريون تعاونًا قذرًا.

يقف وراء هذا التراجع تأثير تصريح بخصوص إيران أكثر من الأسباب المتعلقةة بالسياسة الداخلية: "ستتحول سوريا إلى لبنان ثانٍ بالنسبة لأصدقائنا الإسرائيليين".

تتمتع عملية نبع الفرات بخاصية تتجاوز توقعاتهم، ولذلك تتوارد الاعتراضات عليها من كل حدب وصوب. 

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس