محمد قدو أفندي أوغلو - خاص ترك برس

أقيمت في العاصمة التركية أنقرة في التاسع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مراسيم إحياء الذكرى السنوية الأولى لوفاة صاحب السمو الملكي الأمير محمد ابن الملك فيصل الأول، الذي توفي العام الماضي في الولايات المتحدة، ووارى جثمانه الثرى في العاصمة التركية أنقرة حسب وصيته.

هذه السنة وفي الذكرى السنوية الأولى، حضر ذوو الفقيد إلى أنقرة خصيصًا لإحياء الذكرى الأولى وزيارة الضريح وقراءة أيات من الذكر الحكيم والدعاء له بالرحمة. حضر الكثير من الشخصيات للمشاركة في الدعاء وقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة، وكان من بين الجمع الغفير العديد من السادة الأشراف والعراقيين بكل طوائفهم المسلمين والمسيحين والصابئة، ومن الجالية اليهودية العراقية والإخوة والأصدقاء من الأتراك وجمع غفير غيرهم من الأصدقاء.

عند وصول المشاركين والوقوف عند ضريح المرحوم الأمير محمد، وتلاوة القرآن، بعدها ألقى سمو الأمير عدنان الابن الثاني كلمة تحدث فيها عن والده وإنجازاته العلمية والعملية وأيضًا عن مواقفه اتجاه القضية الفلسطينية، وعن العراق وكيف رفض كل العروض الأمريكية والبريطانية، وما تعرض له من ضغوط اجتماعية ونفسية من قبلهم ولم يفرط بذرة تراب من وطنه العراق (ويقصد بها أعوام التسعين وما تلتها حيث كانت المؤامرات تنسج في كل حدب وصوب ضد العراق)، بل تحمل كل هذا من أجل الحفاظ على العراق الموحد شعبًا وأرضًا. قاوم ولم يساوم، عاش شريفًا ومات شريفًا طاهرًا.

بعد إتمام زيارة الضريح وقراءة سورة الفاتحة والدعاء للمرحوم ووضع أكاليل من الزهور على الضريح، توجه الحاضرون وعائلة الفقيد إلى زيارة ضريح مؤسس الدولة التركية مصطفى كمال أتاتورك حيث تم وضع إكليل من الزهور على الضريح من قبل الأمير عدنان والأميرة نسرين أولاد الأمير محمد الراحل وأحفاد الملك فيصل الأول، وكانت تلك وصية زوجة المرحوم حيث أشارت إليهم بذلك عرفانًا بعلاقة الصداقة بين الملك فيصل الأول والزعيم مصطفى كمال أتاتورك ووفاء لإنسانيته، حيث أشارت العائلة إلى أنه:

(وبناء على رغبة أرملة الفقيد ورفيقة دربه وأم أبنائه صاحبة السمو الشريفة فاطمة، فستبدأ المراسم بزيارة ضريح الأمير الشريف محمد رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان، ومن ثم التوجه لزيارة ضريح الغازي مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية ومن قام بالإشراف على رعايته في طفولته، وبعدها التوجه لجامع "كوجاتيبة" الكبير في أنقرة لإقامة صلاة الغائب على روح الفقيد وقراءة ختمة القرآن الكريم، وتقبل أبنائه وأحفاده العزاء.

ويذكر أن المربي الفاضل والمعلم وصاحب الأيادي  البيضاء في عمل الخير والرئيس المؤسس للأكاديمية الملكية الدولية للعلوم، صاحب السمو الملكي الأمير الشريف محمد قد انتقل إلى جوار ربه بعد 88 عاما، قضاها في خدمة الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، يوم الجمعة العاشر من شهر صفر لعام 1440 من هجرة خاتم المرسلين الموافق 19 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول لعام 2018 من ميلاد المسيح.

والفقيد هو الابن الثاني للملك فيصل الأول ملك سوريا والعراق، والأخ للملك غازي والأميرات راجحة وعزة ورفيعة، وعم الملك فيصل الثاني؛ زوجته صاحبة السمو الشريفة فاطمة الهاشمي، وأبناؤه أصحاب السمو الملكي: الأمير الدكتور عادل، والأمير عدنان، والأمير أحمد، والأميرة الدكتورة نسرين؛ وأحفاده أصحاب السمو الملكي: الأمير محمد فيصل بن الأمير عادل، والأمير زين العابدين بن الأمير عدنان.

وكان  الأمير محمد رحمه الله من الرموز العربية والإسلامية والدولية البارزة، ومن المفكرين والكتاب العرب الذين أثروا المكتبة العربية والعالمية بعشرات الكتب ومئات المقالات والأبحاث والدراسات التي كانت وما زالت منارة لطالبي العلم والحكمة والنهج القويم في الإدارة والنهضة والتنمية المستدامة، والحاصل على شهادة الدكتوراه في علوم الإدارة ومؤسس وباني نظم التعليم العالي في عديد من الدول العربية.

وكان من اهتمامات الأمير محمد إنشاء جمعيات النفع العام، كما أنه هو الرئيس المؤسس للأكاديمية الملكية الدولية للعلوم، وهي منظمة غير حكومية تعمل ضمن نظم وتحت مظلة الأمم المتحدة، حيث قام بتعليم آلاف الطلبة الموهوبين في مختلف مجالات العلوم وخدمة الإنسان في المجتمعات النامية منذ عام 1968.

وقد عرف عن المغفور له الأمير الشريف محمد ثباته على مبادئ أجداده ونذر حياته لقضايا رعاية الموهوبين والتعليم والبحث العلمي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة ونصرة ومساعدة  الضعفاء والمحتاجين. وهو صاحب الفضل في تأسيس وتنمية التعليم العام والعالي ومراكز الأبحاث في عديد من الدول العربية والنامية، فعمل مع هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها على إرساء قواعد وأسس واستراتيجيات الإدارة التربوية والتعليمية والبحثية والعديد من برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

كما عرف عنه الثبات المبدئي في الالتزام الفكري والموقف السياسي الوطني والقومي والإنساني الحر.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس