بيرجان توتار – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

لا يعرف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حدًّا في امتعاضه من تركيا. في حوار أجرته معه مجلة "إيكونوميست" كان من الملفت تهجمه على تركيا واستياؤه من حملاتها الجيوسياسية في سوريا والشرق الأوسط والبلقان والقوقاز. 

 نشرت المجلة الحوار يوم 7 نوفمبر/ نشرين الثاني رغم إجرائه في 21 أكتوبر/ تشرين الأول، وتتضح خيبة أمل ماكرون في كل سطر منه. 

خلال الحوار هاجم ماكرون سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي وتركيا. 

اعتبر عملية "نبع السلام" التي انطلقت في 9 أكتوبر "عملًا عدائيًّا"،  وبدا واضحًا استياؤه من الولايات المتحدة، التي أشعلت الضوء الأخضر للعملية.

احتج ماكرون على الولايات المتحدة بسبب تحركها المشترك مع تركيا عوضًا عن فرنسا، محذرًا بأن الاتحاد الأوروبي لن يثق بواشنطن من الآن فصاعدًا. 

أهم ما تذرع به ماكرون في هذا الصدد هو عملية نبع السلام، حيث قال: "لا تبدي الولايات المتحدة أي تعاون عندما تتخذ القرارات بخصوص سوريا. أثارت تركيا مشكلة كبيرة جدًّا داخل الناتو بسبب العملية التي نفذتها دون أي تعاون، في منطقة توجد لنا مصالح فيها".

***

كما ذكرت في مقالات سابقة، أثارت عملية نبع السلام إعصارًا في التوازنات العالمية، وخير دليل عليه هو  هذا الاعتراف من الرئيس الفرنسي.

لم يخجل ماكرون من الإعراب عن أسفه العميق بسبب تفضيل الولايات المتحدة العمل مع تركيا على التنظيمات الإرهابية. 

وقال: "أظهرت أمريكا أنها أدارت ظهرها لنا من خلال التخلي عن حلفائها الأكراد والانسحاب بشكل غير متوقع من شمال سوريا. إنها تضحي بقوات سوريا الديمقراطية شريكتنا في المنطقة. هذه هي القضية الخطيرة".

أعتقد أن ماكرون يحيد عن الهدف. القضية الخطيرة في الحقيقة هي أن الاتحاد الأوروبي ما زال حتى اليوم قزمًا من الناحية العسكرية والاستراتيجية على الرغم من قوته الاقتصادية.

تجد فرنسا صعوبة في العثور على موطئ قدم لها في النظام العالمي الجديد، ولهذا تنتقد هي والاتحاد الأوروبي علاقات الولايات المتحدة مع تركيا وروسيا والصين وتعتبرها "خلطة سامة".

***

يقف الاتحاد الأوروبي اليوم على شفا الهاوية كما قال ماكرون، الذي دعا إلى تأسيس جيش أوروبي والحوار مع روسيا. وأكد أن الاتحاد الأوروبي سينتهي على الصعيد الجيوسياسي إن لم يصحُ. 

ما قاله ماكرون صحيح، بيد أن طريق النجاة لا يمر عبر التهجم على تركيا. لم يعد العالم كما كان من قبل والزمن يدور دورته. 

يتوجب على فرنسا تقبّل حقيقة أن تركيا واحدة من أهم الأقطاب في العالم الحديث، ولا خيار آخر أمامها. وإلا فإن الصدمة التي يعاني منها ماكرون ستتفاقم. 

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس