ترك برس 

نشر موقع "The New Turkey" مقالا تحليليلا للدكتور إيفان ستارودوبتسيف، أحد أبرز الخبراء الروس في الشأن التركي والعلاقات التركية الروسية، تناول فيه رؤية الإعلام الروسي والمؤسسات الفكرية للعلاقات التركية الأمريكية من خلال رصد متابعتها لزيارة الرئيس أردوغان الشهر الماضي لواشنطن ولقائه مع الرئيس الأمريكي.  

ويلفت ستارودوبتسيف في البداية إلى ضرورة الفصل بين التغطية الإعلامية التي قدمتها وسائل الإعلام الروسية السائدة، مثل القنوات التلفزيونية والصحف، من ناحية، والمؤسسات الفكرية مثل المجلس الروسي ومعهد الشرق الأوسط، التي تتناول منشوراتها جمهورا أصغر من المهتمين ببلدان معينة. وقد  كان هناك اختلاف ملحوظ في كيفية تغطية المجموعتين لزيارة الرئيس أردوغان لواشنطن.

ركزت منشورات وسائل الإعلام الروسية التي تخاطب جمهورا أوسع، ومنها وكالة تاس، على العلاقات الإشكالية بين الغرب وتركيا، وخاصة في إطار حلف الناتو. وتساءل الإعلام الروسي كيف سيمكن الاجتماع الطرفين من حل القضايا القديمة، وكيف يمكنهما التعامل مع التحديات الجديدة.

لم يقدم المؤتمر الصحفي الأخير بين الرئيسين أردوغان وترامب الكثير من الأخبار إلى وسائل الإعلام الروسية التي لاحظت لهجة ترامب الإيجابية ومديحه للرئيس التركي، وكذلك رد أردوغان على الرسالة الوقحة الشهيرة التي وجهها ترامب، وإعادتها له.

تحدث رئيسا تركيا والولايات المتحدة خلال المؤتمر الصحفي عن هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين خمس مرات، من 20 مليار دولار إلى 100 مليار دولار.

ومن المثير للاهتمام أن صياغة ترامب لهذا الهدف قد أسيء فهمها في وسائل الإعلام الروسية، وحتى القنوات التلفزيونية المركزية التي فهمت بشكل خاطئ أن ترامب اقترح "صفقة تجارية" على أردوغان بقيمة تصل إلى 100 مليار دولار، إذا رفضت تركيا استخدام أنظمة الدفاع الجوي الروسية S-400.

ونتيجة لذلك الفهم الخاطئ، عندما أعلن أردوغان أن الصفقة التركية الروسية قيد التنفيذ، فسر هذا التصريح في وسائل الإعلام الروسية على أنه رفض صفقة بقيمة 100 مليار دولار نقدًا.

وفي الوقت نفسه فوجئ كثير من المراقبين في روسيا بحقيقة أن تركيا لا تزال تبذل قصارى جهدها لتطبيع العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة على الرغم من العلاقات الإشكالية. وما أثار استغرابهم بنفس القدر هو ما تفعله تركيا مع حلف الناتو، فبالنسبة إليهم فقد الناتو أهميته وقيمته بعد نهاية الحرب الباردة، ويواجه أزمة هوية.

رؤية مراكز الأبحاث والمتخصصين في الشأن التركي للزيارة

رسمت المؤسسات الفكرية والبحثية الروسية، مثل المجلس الروسي ومعهد الشرق الأوسط، وكلاهما يقع في موسكو، صورة تختلف اختلافًا كبيرًا عن الصورة التي تعرضها وسائل الإعلام على الروس في كل يوم: 

أولًا، تخلو تحليلات تلك المؤسسات تمامًا من أي أوهام تتعلق بانسحاب تركيا من حلف الناتو سواء كان ذلك على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل. 

ثانيًا، أن حقيقة أن تركيا تعمل بشكل أكثر استقلالية في الوقت الحالي هذا وتقوم ببناء هيكلها الأمني ​​الخاص باستخدام S-400، أو حقيقة أن تركيا أكثر ربحًا من الناتو، لا تعنيان بالضرورة أن هذا ما تريده تركيا. 

ووفقًا لرأي تلك المؤسسات الفكرية، لا يمثل وجود مشاكل خطيرة للغاية في العلاقات التركية الأمريكية سببًا لقيام القيادة التركية بقطع علاقاتها مع الولايات المتحدة، لأن ذلك سيسمح بالتوجه نحو مراكز القوة البديلة في العالم، بما في ذلك روسيا.

وتعد البراعة في الحفاظ على توازن دائم في الساحة الدولية مع الحفاظ في الوقت نفسه على مكانتها كدولة مهمة لكثير من اللاعبين الأجانب ميزة أساسية لتركيا التي لن تتخلى عن هذه السياسة. 

بالنسبة لرأي مؤسسات الفكر والرأي الروسية ،توجد في هذه المرحلة عدد من المشكلات التي لا يمكن حلها والمتعلقة بالعلاقات الثنائية بين تركيا والولايات المتحدة. وتشمل هذه المشاكل دعم الولايات المتحدة للتنظيمات الانفصالية وتسليم غولن إلى تركيا، وشراء تركيا منظومة S-400. 

وترى تلك المؤسسات أنه تم حل ما يمكن حله خلال زيارة الرئيس أردوغان لواشنطن، مثل تجميد قرار الاعتراف بمزاعم أحداث 1915. أما المشاكل التي لا يمكن حلها اليوم، فإن الدبلوماسية التركية تسعى إلى إيجاد طريقة لفصل مناطق التعاون عن المناطق التي تعاني من مشاكل.

وختم ستارودوبتسيف تحليله بأن الهدوء الحالي في العلاقات التركية الأمريكية قد يتغير بعد الانتخابات الرئاسية في عام 2020، في حالة تولي إدارة جديدة السلطة في البيت الأبيض. ولكن لا يكاد يكون هناك صوت بين المحللين الروس يتوقع حدوث تغييرات سريعة في المثلث الحالي بين تركيا وروسيا والولايات المتحدة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!