ترك برس 

نشرت مجلة "Bulletin of the Atomic Scientists" الأمريكية تقريرا مطولا عن التطور الكبير الذي حققته تركيا خلال السنوات العشر الأخيرة في تصنيع الطائرات المسيرة الهجومية المسلحة، قالت فيه إن صادرات تركيا من هذه الطائرات باتت تهدد صادرات حلف الناتو الذي كان شبه محتكر لهذه الصادرات. 

وجاء في التقرير أن الطائرة الأولى بدون طيار «بيرقدار تي بي 9» (Bayraktar TB2) أقلعت قبل أكثر من عشر سنوات في رحلتها الأولى من مطار سينوب على البحر الأسود. كانت هناك بعض الدلائل على أن الطائرة متوسطة الحجم ستصبح أول طائرة بدون طيار مسلحة تُنتج محليًا في تركيا والعمود الفقري لسلاحها الجوي من الطائرات المسيرة.

 في ذلك الوقت، ناضل مصنعو الطائرات بدون طيار المحليين في مواجهة الصعوبات التقنية والمنافسة الأجنبية. لكن بعد مرور عشر سنوات، أصبح الوضع مختلفًا تمامًا: تحول برنامج أنقرة للطائرات بدون طيار إلى صناعة ناجحة تقوم بالفعل بتصدير المنتجات، وقوة عسكرية تهدد صادرات الناتو. 

والأمر الأكثر إثارة هو أن برنامج الطائرات بدون طيار الناجح في أنقرة هو مثال تأمل كثير من الدول الأخرى أن تحاكيه.

ومثل العديد من البلدان الأخرى، أعطت تركيا أولوية لتطوير صناعة محلية من أجل تقليل اعتمادها على الأنظمة التي تصنعها الولايات المتحدة وإسرائيل، وهما المعقل التقليدي لإنتاج الطائرات بدون طيار. 

قبل عشر سنوات، كانت تركيا لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الطائرات الأجنبية الصنع. أدار الجيش حفنة من الطائرات المسيرة الأمريكية القديمة من نوع  Atomics Gnat 750s التي اشتراها في عام 1995، بالإضافة إلى بعض طائرات هيرون إسرائيلية الصنع التي حصلت عليها في عام 2010. ولكن في إشارة مبكرة على اهتمام تركيا الشديد بتعزيز قدراتها الإنتاجية الخاصة، عرضت البلاد طائرة البيركتار ميني المنتجة محليًا، وهي طائرة استطلاع بدون طيار، في عام 2007.

على أن الجهود التركية المبكرة لتطوير الطائرات المحلية بدون طيارلم تكن مفروشة بالورود. منحت أنقرة عقدًا في عام 2004 لشركة صناعات الفضاء التركية لتطوير طائرة Anka، وهي طائرة بدون طيار تحلق على رتفاع متوسط. قامت Anka بأول رحلة لها في عام 2010، ولكن قيل إنها تحطمت خلال 15 دقيقة.

ونظرًا لأن تركيا كانت تعمل على برنامجها المحلي، فقد وجدت البلاد أيضًا صعوبة في الحصول على طائرات أجنبية الصنع. وأخفقت جهود أنقرة لاستيراد طائرة البريداتور من الولايات المتحدة، وفي وقت لاحق  فشلت في الحصول على طائرة إم كيو-9 ريبر بسبب معارضة الكونغرس.

في العامين الماضيين تضخم برنامج الطائرات بدون طيار في تركيا. ومنذ نهاية عام 2017 إلى الآن، زاد المخزون العسكري لطائرات بيرقدار TB2 بأكثر من الضعف من نحو  38 طائرة إلى 94، ويعتقد أن نصفها تقريبا مسلح.

نما أسطول تركيا من طائرات أنكا التي أصبحت من الدعائم الأساسية لأسطول الطائرات التركية من دون طيار، إلى نحو 30 طائرة. يعمل الآن طرازان من الطائرات المسيرة مع ست منظمات عسكرية وأمنية على الأقل: الجيش والقوات الجوية والبحرية والدرك، والمخابرات الوطنية، والمديرية العامة للأمن.

حقق مطورو الطائرات بدون طيار التركية إنجازات تقنية مهمة في السنوات الأخيرة. في آب/ أغسطس 2018، نفذت أنكا أول غارة جوية تركية بالأقمار الصناعية، وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول، أكملت أنكا رحلتها الأولى بمحرك منتج محليًا، وهي خطوة مهمة نحو إنشاء قاعدة تصنيع محلية مستدامة.

في عام 2019، كسرت كل من بيرقدار تي بي 2 وأنكا سجلات التحمل السابقة ، حيث أصبح  كل منهما يطير لمدة تزيد عن 24 ساعة. وكشف اثنان من كبار المنتجين للطائرات بدون طيار، وهما "بايكار ماكينا" و"صناعات الفضاء التركية" (TAI)، عن طائرتين مسيرتين جديدتين، هما Akinci وAksungur.

ونظرًا للتقدم الذي أحرزه برنامج الطائرات بدون طيار في تركيا مؤخرًا، لم يكن من المستغرب أن تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بتقديم 105.5 مليون دولار لدعم التطوير المستمر لبيرقدار تي بي 2.

ولاستيعاب أسطول تركيا المتزايد من الطائرات بدون طيار، تقوم أنقرة بسرعة ببناء شبكة من المواقع الأمامية للطائرات بدون طيار في المطارات في جنوب شرق البلاد، على طول الحدود السورية، وكذلك على ساحل بحر إيجة والبحر المتوسط. ومنذ عام 2018  شيدت تركيا مرافق لهذه الطائرات من حظائر وملاجئ وأبراج الاتصالات في سبعة مطارات، وبذلك يصل العدد الإجمالي لقواعد الطائرات بدون طيار إلى تسعة على الأقل.

 مع نضوج برنامج  إنتاج الطائرات المسيرة، كانت أنقرة تتطلع إلى فرص للحصول على موطئ قدم في السوق العالمية التنافسية للطائرات العسكرية بلا طيار. وصدرت بيرقدار تي بي 2 إلى قطر وأوكرانيا، وتفيد التقارير أنها تجري مفاوضات لبيعها إلى إندونيسيا وتونس. وفي ليبيا، تفيد التقارير أن طائرات بدون طيار تركية من طراز بيرقدار تي بي 2 استخدمتها حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة ضد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!