ترك برس

ناقش خبراء ومحللون أسباب سقوط مدينة "سرت" الليبية بيد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وأسباب تخوف الجزائر من تكرار السيناريو بطرابلس، وسط لقاءات رفيعة بين المسؤولين الأتراك والجزائريين.

أحمد هدية المسؤول الإعلامي في اللواء 610 التابع لحكومة الوفاق الشرعية في طرابلس، كشف أن سوء التقدير من جانب المسؤولين بالحكومة كان السبب الرئيسي لسقوط مدينة سرت بيد قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأوضح هدية في تصريحات لبرنامج "ما وراء الخبر" على قناة الجزيرة القطرية، أن من أهم عوامل سقوط سرت هو وجود قبيلة الفرجان التي ينتمي لها حفتر، مشيرا إلى أن أبناء هذه القبيلة قاموا بتحركات دعما لحفتر بالتزامن مع هجوم قواته.

كما تحدث هدية عن تحركات لمجموعات في المدينة معروفة بولائها للزعيم الليبي السابق معمر القذافي، مما دفع قوات الوفاق لتفضيل الانسحاب من المدينة حفاظا على حياة 120 ألف مدني يعيشون فيها.

ولم يخف هدية حدوث خيانة من قبل الكتيبة (604)، مشيرا إلى أنه تبين للوفاق أن أبناء هذه الكتيبة بدؤوا بالتنسيق مع قوات حفتر قبل 48 ساعة من الهجوم على سرت.

وحمل هدية كل أركان حكومة الوفاق مسؤولية سوء التقدير وعدم الاحتياط، حيث إن أبناء هذه الكتيبة معروفون بقربهم الأيديولوجي السلفي من حفتر وجماعته، الأمر الذي كان يتطلب أخذ المزيد من الحذر.

من جانبه، أكد مدير مركز إسطرلاب للدراسات عبد السلام الراجحي أن تركيا أصبحت أكثر يقينا بأهمية تدخلها في ليبيا، خاصة بعد الجريمة التي ارتكبها حفتر بحق الكلية العسكرية في طرابلس، ثم سقوط سرت.

كما تحدث الراجحي عن دور الجزائر المحتمل في الأزمة الليبية، خاصة بعد إعلان الجزائر أن طرابلس خط أحمر وإدانتها قصف الكلية العسكرية.

وأوضح الراجحي أن سبب مخاوف الجزائر من سقوط طرابلس هو أنها تدرك أنه بحال حدوث ذلك فإنها ستكون المحطة التالية التي يسعى إليها "محور الشر العربي"، مشيرا إلى الإمارات ومصر والسعودية، لإعاثة الفساد والفوضى فيها.

ولم يستبعد الراجحي أن يتطور الدعم السياسي الجزائري لليبيا، ليصل إلى درجة التنسيق المعلوماتي والجيوسياسي مع تركيا، خاصة أن الجزائر أيدت التدخل التركي بليبيا، وهو الأمر الذي أثار غضب مصر والإمارات.

ومع أن الراجحي شدد على أن عقيدة الجيش الجزائري تقوم على حماية أرض الجزائر دون المشاركة بحروب خارجية إلا أنه لم يستبعد أن تتدخل الجزائر عسكريا إذا رأت حاجة لحماية طرابلس التي وصفتها بالخط الأحمر.

بدوره، اعتبر الخبير العسكري والإستراتيجي الروسي بافل فيلغينهاور أن سقوط سرت بيد قوات حفتر أمر طبيعي ومحتوم في ظل التفوق العسكري الجوي للأخير.

وأعرب عن قناعته بأن سيناريو سرت سوف يتكرر بطرابلس إذا لم يحدث توازن بميزان القوى وتمتلك قوات الوفاق أسلحة الدفاع الجوية، لكنه أكد أن دخول تركيا في الحرب بشكل مباشر سيؤدي لزيادة الموقف تعقيدا.

وفيما يتعلق بالموقف الروسي، قال فيلغينهاور إن الموقف الروسي لا يزال غامضا، ورغم الدعم الذي يقدم لحفتر فإن من يقوم به هو مرتزقة روس، غير أن الموقف الرسمي بيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي توقع فيلغينهاور أن يحسم غدا باللقاء المرتقب بين بوتين ونظيره التركي أردوغان.

وتوقع الخبير العسكري أن يختار بوتين الانحياز لدعم الموقف التركي، مشيرا إلى المصالح الكثيرة التي تربط بين موسكو وأنقرة.

أما هدية فأكد على قناعته بأن قوات الوفاق ستعاود السيطرة على مدينة سرت خلال الفترة المقبلة، وأكد أن ما حدث مجرد جولة في معركة، وأنها ليست النهاية.

وتصدرت الأزمة الليبية والخلافات حول موارد الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط الساحة الدولي، منذ أن وقعت تركيا وليبيا مذكرتي تفاهم، في 27 نوفمبر/ تشرين ثانٍ الماضي. وفق تقرير نشرته وكالة الأناضول التركية.

وقع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليًا، هاتين المذكرتين، وتتعلق الأولى بالتعاون الأمني والعسكري بين أنقرة وطرابلس، والثانية بتحديد مناطق النفوذ البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين النابعة من القانون الدولي.

انطلاقًا من مذكرة التفاهم، وبناءً على طلب من الحكومة الليبية، بدأت أنقرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا، لمساعدة الحكومة في حماية المدنيين والدفاع عن العاصمة طرابلس (غرب)، التي تشن قوات اللواء متقاعد، خليفة حفتر، بدعم خارجي، هجومًا للسيطرة عليها، منذ 4 أبريل/ نيسان الماضي.

وبدأ إرسال القوات بعد أن صادق البرلمان التركي، الخميس الماضي، على مذكرة رئاسية تفوض الحكومة بإرسال قوات إلى ليبيا، حيث ينازع حفتر الحكومة على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.

تلك التطورات يمكن تلخيصها بأن تركيا توسع نطاق تواجدها الإقليمي إلى وسط البحر المتوسط باتجاه ليبيا، على افتراض أنه لن يتسنى لأنقرة الدفاع عن مصالحها الخارجية بالتركيز فقط على شرق المتوسط، ما أدى إلى تحولات جغرافية سياسية بالمنطقة.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!