برهان الدين دوران - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس 

غادر اللواء الانقلابي اللييي خليفة حفتر طاولة المفاوضات في موسكو الأسبوع الماضي، مؤجلًا احتمال وقف إطلاق النار حتى مؤتمر برلين في نهاية هذا الأسبوع. الرجل الذي كان يحاول الإطاحة بحكومة ليبيا الشرعية المعترف بها دوليًا فعل ذلك تحت ضغط من الإمارات العربية المتحدة. رفض حفتر الإنجاز الدبلوماسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأمر الذي زاد من خيبة أمل الكرملين وأثار غضبه.

من المحتمل أن فرنسا والولايات المتحدة أيضًا، لم ترغبا في اتخاذ قرار بإنهاء الأزمة الليبية في موسكو. ونظرًا إلى أنه كان أكثر اعتمادًا على رعاته الآخرين من روسيا، استنتج حفتر أنه يمكن أن يعيش بدون مجموعة فاغنر، وهي منظمة شبه عسكرية روسية من المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب زعيم الحرب في ليبيا. لكي نكون واضحين، من غير المرجح أن تسحب موسكو المحبطة عملاءها من ساحة المعركة. لن يتخلى بوتين عن حفتر للحفاظ على نفوذه على طاولة المفاوضات في برلين. سيتصرف الكرملين بعقلانية، حيث إنه يتطلع إلى حماية مصالحه الجيوسياسية في سوريا وشرق المتوسط ​​وليبيا. على أن الرئيس الروسي قد يتطلع إلى تعزيز علاقاته مع حكومة الوفاق الوطني الليبي لتقييد نفوذ حفتر.

أرى أن تأجيل اتفاق وقف إطلاق النار حتى مؤتمر برلين لم يكن مشكلة خطيرة بالنسبة لتركيا، ذلك أن الحكومة التركية التي تتمتع بثقل كبير في النزاع الليبي من خلال إبرام اتفاقين مع جيش حكومة الوفاق الوطني في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، ستكون لاعبًا قويًا أينما حدد مكان طاولة المفاوضات. بادئ ذي بدء، أثبتت تركيا أنها تستطيع الوفاء بوعودها عن طريق إقناع رئيس الوزراء الليبي، فايز السراج، بالتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار، في حين شوه حفتر سمعة موسكو. غادر أمير الحرب الليبي، الذي خيب أمل الروس، موسكو دون أي إنجاز وانتهى به الأمر إلى قبول دعوة ألمانيا.

بالنسبة إلى تركيا، ما يهم هو إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار. إذا توصل الطرفان إلى اتفاق في برلين، فسيكون ذلك شيئًا جيدًا لأن أوروبا سيتعين عليها المشاركة. وإذا وضعنا في الحسبان تداعيات الحرب الأهلية الليبية على الإرهاب وأزمة اللاجئين، نجد أن مصالح تركيا تتوافق مع ألمانيا وإيطاليا. من الواضح أن أنقرة وموسكو كان يمكن أن يعجلا بالعملية كضامنين، لكن كان يتعين عليهما العمل على مشاركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أجل وقف دائم لإطلاق النار وإعادة إعمار ليبيا.

في ضوء آخر التطورات، برزت ألمانيا بثقل كبير، بيد أنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الأطراف سوف تتفق على كل شيء في هذه الجولة الأولى من المحادثات. لكن يجب أن يكون جميع أصحاب المصلحة مستعدين لأن تتضمن عملية برلين كثيرا من لقاءات القمة. والخلاصة أنه لن يكون إيجاد حل وسط بين مختلف المشاركين في النزاع الليبي أمرا سهلًا، إذ إن ثمة أشخاصا في دائرة السراج وحفتر يعتقدون أنه لا يزال بإمكانهم تحقيق نصر عسكري، وسوف يحتاجون إلى الاقتناع.

إذن ماذا سيطرح على الطاولة في برلين؟ أولا المسائل الفنية بالغة الجدية واستنادا إلى الاجتماعات الأولية والتوافق في موسكو، سوف يتفاوض الطرفان على وقف إطلاق النار وحظر الأسلحة بالإضافة إلى إنشاء لجنة عسكرية مشتركة قوامها 5 + 5 ولجنة حوار سياسي من 40 عضوًا. قد يكون اقتراح إيطاليا بإرسال قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة إلى ليبيا أيضًا على جدول الأعمال.

على أنه سيكون من الصعب على كل من لديه مصلحة خاصة في ليبيا الاتفاق على مستقبل البلاد. من المفترض أن تظل ألمانيا والمملكة المتحدة محايدة، في حين ستدعم تركيا وإيطاليا والجزائر حكومة الوفاق الوطني. ستراقب الولايات المتحدة والصين الإجراءات مع ممثلين على مستوى منخفض، بينما ستدعم فرنسا والإمارات وروسيا حفتر. السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سترد موسكو على الإحراج الأخير الذي اوقعها فيه اللواء الانقلابي حفتر... من المحتمل أن تقوم الولايات المتحدة، غير الراغبة في السماح لروسيا بالسيطرة على طاولة المفاوضات في برلين، ببعض الخطوات المفاجئة عبر فرنسا والإمارات.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس