ترك برس

أشار الباحث في الشؤون الروسية والتركية، باسل الحاج جاسم، إلى ضرورة التمييز بين الحالتين "السورية" و"الليبية"، عند الحديث عن الأزمات في الشرق الأوسط.

في مقال بصحيفة الإندبندنت عربية، تطرق جاسم إلى محاولة بعض المتابعين الربط بين الملفين السوري والليبي، ولعل أهم الأسباب لذلك يعود إلى الدورين الروسي والتركي في الحالتين، ما دفع البعض إلى التشبيه بين مسار أستانا السوري ومسار برلين الليبي الذي قد يبدأ بعد اختتام مؤتمر برلين الأول.

يرى جاسم أن التسوية السورية هي امتحان لقدرة موسكو، أكبر الأطراف الإقليمية الفاعلة، على تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط (الكلاسيكية)، وهذه حالة محلية بحتة وتأثيرها كبير ولكنه محدود.

أما التسوية الليبية، فهي - وفق الباحث - قصة مختلفة تماماً، فإضافةً إلى روسيا ودول الشرق الأوسط، تشارك بفعالية أطراف دولية بارزة تملك مصالح جادة في مجال الطاقة مثل فرنسا وإيطاليا وإسرائيل. 

ونصبح هنا بالتالي أمام نهج آخر لتشكيل نظام فوق إقليمي، يضم الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي وجزء كبير من أفريقيا.

تابع المقال: إذا كان من الممكن خلق توافق داخلي في مثل هذا النظام فوق الإقليمي، فسيتم إدخال الولايات المتحدة ليس كقوة عظمى، بل كعنصر فاعل على قدم المساواة مع باقي الأطراف، ما سيقود حتماً إلى تحول في نموذج العلاقات الدولية إلى حد كبير. لذلك، فإن القضية الليبية أهم بكثير من القضية السورية من حيث الابتعاد عن القطبية.

منذ فترة ليست قريبة، يحتل شرق المتوسط مركز الحسابات الجيوسياسية، فالمنطقة تُعدّ إحدى بؤر التنافس الإقليمي، من خلال الإطلالة على الشرق الأوسط الملتهب، إضافةً إلى موارد الطاقة المدفونة في أعماق مياهها، وموقعها على طرق عبور خطوط الغاز المرتقبة نحو أوروبا. 

وباتت ليبيا اليوم، فجأة، في واجهة الأحداث والنقطة الساخنة سياسياً وإعلامياً وعسكرياً، بعد توقيع حكومة الوفاق في طرابلس اتفاقية تحديد مناطق الصلاحية في شرق المتوسط مع تركيا، فهي تُعتبر أحد الأجزاء المهمة المشتعلة في المنطقة، حيث تدور واحدة من أطول الحروب ليس بين الليبيين فحسب، بل يقاتل معهم أطراف إقليميون ودوليون، ويبدو أن الروس لن يكونوا آخر الملتحقين.

التطور المتسارع للأحداث على الساحة الليبية، يخفي بين ثناياه مستجدات معقدة أخرى، إذ تدعم موسكو منذ مدة ليست قريبة خليفة حفتر من خلال تقديم معدات عسكرية بوفرة له. 

وأُسقطت الشهر الماضي طائرة بلا طيار تابعة للولايات المتحدة قرب طرابلس، وبحسب بيان صادر عن القوات الأميركية في أفريقيا، فإن منظومة دفاع روسية أسقطتها.

وطغت المناكفات السياسية والأطماع الاقتصادية على حقائق كثيرة في صراع شرق البحر المتوسط، ويزيدها اشتعالاً الحديث عن كميات هائلة من الغاز في قاع المياه، فالقضية أكثر تعقيداً من تحالف تركي - ليبي بمواجهة مصر واليونان وقبرص اليونانية ومن خلفهم إسرائيل.

لا خلاف مصري - تركي مباشر بشأن ترسيم الحدود البحرية الثنائية على الإطلاق، بينما هناك خلاف ليبي - يوناني بشأن تراخيص الاستكشاف البحرية الصادرة عن أثينا للمياه جنوب جزيرة كريت، الواقعة بين تركيا وليبيا. 

وتُعدّ مشكلة أنقرة الأساسية، رغبة قبرص اليونانية في الاستفادة من الثروات الطبيعية لقبرص التركية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!